للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" أفلا يسمعون " وكيف قال في صدر الآية التي موعظتها مرئية " أو لم يروا " وقال بعد الموعظة: " أفلا يبصرون " وكذلك قوله تعالى: " ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً " فإن الكلام لو اقتصر فيه على قوله: " وكفى الله المؤمنين القتال " أوهم ذلك بعض الضعفاء موافقة الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سبب رجوعهم، ولم يبلغوا ما أرادوا، وربما توهموا ألا تكون من عند الله وإنما تقع اتفاقاً كما يجري في حروب المشركين بعضهم لبعض، فأخبر في فاصلة الآية عن نفسه بالقوة والعزة، ليعلم المؤمنين ويزيدهم يقيناً وثباتاً على أنه الغالب الممتنع، وأن حزبه كذلك، وإنما هو تنوع النصر للمؤمنين ليزيدهم إيماناً بعميم قدرته، فينصرهم مرة بالقتال كيوم بدر، وتارة بالريح كيوم الأحزاب، ومرة بالرعب كبني النضير، وطوراً ينصر عليهم كيوم أحد، وحيناً يعلمهم أن الكثرة لا تغني شيئاً، وأن النصر من عنده كيوم حنين وأمثال ذلك في الكتاب العزيز كثيرة لمن استقراه.

ومن أمثلة المناسبة المعنوية في الشعر قول المتنبي طويل:

على سابح موج المنايا بنحره ... غداة كأن النبل في صدره وبل

فإن بين لفظة السباحة، ولفظة الموج، ولفظة الوبل تناسباً معنوياً صار

<<  <   >  >>