إلى كم ترد الرسل عما أتوا به ... كأنهم فيما وهبت ملام
فعلق الكرم بالشجاعة لكونه شبه رسل العدو بالملام في الهبة، فهو كثير ما يردهم عما يطلبون منه تهاوناً بمرسلهم، وشجاعة عليهم، وتسرعاً إلى حربهم، ورغبة في ما دون سلمهم، ثم حصل من التشبيه الذي علق به الكرم بالشجاعة وصفه بغاية الكرم، إذ دل على أنه عاشق في الجود، ولا يسمع فيه ملاماً، ولا يصغي إلى عاذل، وقد يعلق المتكلم فناً من فنون الكلام بمعنى من معاني البديع، وما سمعت في ذلك أحلى من قول بعض العراقيين في بعض القضاة، وقد شهد عنده برؤية هلال الفطر، فلم يجز الشهادة " رمل مجزؤ ":
أترى القاضي أعمى ... أم تراه يتعامى
سرق العيد كأن ال؟ ... عيد أموال اليتامى
فعلق خيانة القاضي في أموال اليتامى بما قدمه من خيانته في أمر العيد برابطة التشبيه.
ومن مليح التعليق قول المتنبي في صفة الليل، وهو من الصنف الأول من التعليق وافر: