وأما الثاني فكونه علق الافتنان الذي هو الهجاء والفخر على ما بينه بمعنى التشبيه والإدماج وافر:
فأعرض هيثم لما رآني ... كأني قد هجوت الأدعياء
وقد آليت لا أهجو دعياً ... ولو بلغت مروءته السماء
ومن لطيف تهكمه في هذا البيت قوله:
ولو بلغت مروءته السماء
وقد أدمج الافتنان في التهكم لأن معناه أني لا أهجو إلا من بلغت مروءته الغاية القصوى.
وكذلك قصد الشعراء وعقلاء البلغاء، يتخيرون لهجائهم كما يتخيرون لمديحهم.
وقد وقع لي في هذا الباب من المدح ما لا بأس بذكره، وهو الصنف الأول من التعليق طويل:
تخيل أن القرن وافاه سائلا ... فقابله طلق الأسرة ذا بشرا
ونادى فرند السيف دونك نحره ... فأحسن ما تهدي اللآلي إلى النحر
فإني علقت ذكر الكرم بذكر الشجاعة، حيث وصفت الممدوح بطلاقته وتهلله استبشاراً بالقرن لما تخيله سائلاً، واهدائه فرند السيف وهو جوهره إلى نحره لما تخيل الفرند لآلئا، هذا إلى ما وقع في البيت الثاني من التورية بذكر النحر، والترشيح بذكر اللآلي.