للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن لطيف الإدماج قول ابن نباتة السعدي طويل:

ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده

فإنه أدمج الفخر في الغزل حين جعل حلمه لا يفارقه بتة، ولا ترغب نفسه عنه جملة، وإنما عزم على أن يودعه، إذ كان لا بد له من وصل هذا المحبوب، لأن الوادائع تستعاد، ثم استفهم عن الخل الصالح أن يستودع الحلم بلفظ يشعر بالاستبعاد والتعذر، فيكون مفهوم الخطاب بقيا حلمه لعدم من يصلح لأن يودعه عنده وأدمج الفخر في الغزل من جهة تصريحه بذكر الحلم، ورشح بالإدماج الطباق بين الحلم والجهل، ثم أدمج فيهما شكوى الزمان لتغير الإخوان بحيث إنهم لم يبق منهم من يستصلح لمثل هذا الشأن في الإشارة.

ومثل هذا الإدماج ما وقع لبعض الأندلسيين في قوله وافر:

أأرضى أن تصاحبني بغيضاً ... مجاملة وتحملني ثقيلا

وحقك لا رضيت بذا لأني ... جعلت وحقك القسم الجليلا

والبيت الثاني أردت، لأنه أدمج فيه الغزل في العتاب من الفنون، والمبالغة في القسم من البديع.

<<  <   >  >>