ومنها الإتيان بجواب عن سؤال مقدر لدلالة الجواب عليه كقوله سبحان. " قيل ادخل الجنة " فإن المعنى كأن قائلاً قال: فما كانت عاقبة هذا الذي نصر الحق وبذل نفسه في ذات الله، فيقال: قيل له: ادخل الجنة.
ومنها الاسم المضاف الذي حذف المضاف منه، وأقيم المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى:" وأشربوا في قلوبهم العجل " أي حب العجل، وقوله تعالى:" ويا سماء أقلعي " أي ويا مطر السماء، أو يا سحاب السماء، أو يا سحاب لكونه بالنسبة للمخاطب عالياً، وكل ما علا الإنسان من سقف وسحاب وغيره يسمى سماء، وقد تجاوزت العرب حذف المضاف إلى حذف مضاف ثان بعد حذف المضاف الأول، كقول جرير وافر:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
فقوله: إذا نزل السماء، يريد مطر السماء، وهذا القسم الأول من المجاز، وقوله: رعيناه يريد رعينا ما ينبته مطر السماء، وهذا القسم الثاني من المجاز، وإنما اتفقوا على اسم المجاز على هذا القسم لخلوه من معنى زائد عن تجوز الحقيقة، يليق أن يكون تسميته من جنسه، كالاستعارة، والتشبيه، والمبالغة، والإرداف، والإشارة وغير ذلك، فلما لم يكن في هذا القسم غير تجوز الحقيقة اختصار أفرد باسم المجاز، إذ لا يليق به غيره، والمراد بذلك الاختصار.