وآلة التعريف في الضرب للجنس، لأن ذلفاء هي التي سببت لك الضرب أولاً وأخراً، فإنك لولاها ما هاج لي من شوقي لمعاهدها فأذهلني حتى توهمت أن الضرب يخرج بك عن الحد الذي لم تكن محتاجاً إليه، ويدل على صحة ذلك شهادته له بالصبر مطلقاً في كل حال، إذ الألف واللام فيه للجنس أيضاً، وإذا كان صابراً مطلقاً دل صبره على شدة السير ومتابعته يجري ذلك الجري، فلا يقع ضربه إلا ظلماً، وأما قوله: قليل الذنب، فعلى عادة العرب في استعمال هذه اللفظة، وهي تريد مطلق النفي في قولهم: فلان قليل الخير وهم يريدون نفي الخبر عنه كثيره وقليله، وكل هذا حاصل في قول ابن المعتز " صببنا عليها ظالمين سياطنا " فإن قوله: صببنا هو عين قول العرب " عاودت ضربه " وما دل عليه لفظه من كون الضرب كان ظلماً هو عين قول ابن المعتز: ظالمين بلفظ الإيجاز، فحسن البيان في كلام ابن المعتز بخلاف كلام الأول، لأن دلالة اللفظ في كلام ابن المعتز دلالة مطابقة، ودلالة الأول دلالة التزام، ولم يعوز ابن المعتز من معنى الأول إلا التعليل، فإنه ذكر العلة التي لأجلها ضرب جملة ظلماً كما أعوز الأول من معنى ابن المعتز ذكر ثمرة الضرب وفائدته، فإن ابن المعتز لما قال:
صببنا عليها ظالمين سياطنا
قال عقيب ذلك: فطارت، وأدمج في ضمن هذه المبالغة التي هي ثمرة الضرب وصف الخيل بعدوها من موجبات الضرب، وحقق ظلمه لهن أنها لما خرجت من الوحشية إلى الطيرية فقد أحسن ابن المعتز الإتباع غاية الإحسان.