للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العيان، ومن هاهنا يعلم أنه ليس كل إيجاز بلاغة، ولا كل إطالة عيا، فإنه لا إيجاز في الإفهام أوجز من بيان باقل، لأن المخاطب فهم عنه بمجرد نظرة واحدة، ومع ذلك ضرب به المثل في العي بهذا البيان، والأحسن أن يقول: أحد عشر، والوسائط أن يقول مثلاً: ستة وخمسة، أو عشرة وواحد، أو خمسة وخمسة وواحد، والوسائط تعلو وتسفل بحسب قربها من البلاغة وبعدها بالنسب والإضافات، وبيان الكتاب العزيز وكل كلام بليغ فصيح من الأحسن دون الأقبح ودون الوسائط، لكن الأحسن أيضاً تتفاوت طبقاته كالوسائط، فمنه الأعلى والأدنى والأوسط بالنسبة، وحقيقة حسن البيان إخراج المعنى المراد في أحسن الصور الموضحة له، وإيصاله لفهم المخاطب بأقرب الطرق وأسهلها، لأنه عين البلاغة، وقد تكون العبارة عنه تارة من طريق الإيجاز، وطوراً من طريق الإطناب كثرة العبارة بسبب كثرة المعاني، والإسهاب كثرة العبارة عن المعنى الواحد، والمعاني القليلة، والأول بعينه هو حد البلاغة وحقيقتها، وبه جاء كل بيان القرآن، كقول الله تعالى وقد أراد أن يحذر من الاغترار بالنعم " كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين " وكقوله تعالى وقد أراد أن يبين عن الوعد " إن المتقين في مقام أمين " الآية، وكقوله عز وجل وقد أراد أن يبين عن الوعيد " إن يوم الفصل

<<  <   >  >>