للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإني أردت الإبانة عن معنى أبي العتاهية والذي بعده، فأبنت عنه بياناً غير حسن ولا قبيح، ولم يكن في قوتي الإبانة عن المعنى بأحسن بيان كما فعلاً، فإن بيتي يصلح أن يكون في شواهد الوسائط في هذا الباب، وإن كان أبو العتاهية والذي بعده ألما في معناهما بالحزين الكناني حيث يقول في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وقد وفد عليه وهو عامل مصر لأبيه بسيط

لما وقفت عليه في الجموع ضحى ... وقد تعرضت الحجاب والخدم

حييته بسلام وهو مرتفق ... وضجة الناس عند الباب تزدحم

في كفه خيزران ريحها عبق ... من كف أروع في عرنينه شمم

يغضى حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم

والبيت الأخير أردت.

والفرق بين ما سميته في بيت أبي العتاهية والذي بعده حسن بيان وبين الإشارة، أن الإشارة لا تكون بلفظ الحقيقة، وحس البيان يكون بلفظ الحقيقة وبغيره، فما كان منه بلفظ الحقيقة فهو من البيان الأحسن، وما كان بغير لفظ الحقيقة فهو من البيان الحسن، ولا بد أن يكون لفظه أقرب إلى لفظ الحقيقة من لفظ الإشارة، كما أن لفظ الإشارة أقرب إلى لفظ المعنى من لفظ الإرداف، ولفظ الإرداف أقرب من لفظ التمثيل، ألا ترى أن لحظات الناظر تدل على الغضب والرضا أسرع ما

<<  <   >  >>