للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن هذا الشاعر ولد من تشبيه العذار باللام، وتشبيه الفم بالصاد لفظة لص، وولد من معناها ومعنى تشبيه الطرة بالليل ذكر سرقة النوم، فحصل في البيت توليد وإغراب وإدماج، وهذا من أغرب ما سمعت في ذلك، وهو الثاني من التوليد اللفظي.

ومن توليد الألفاظ توليد المعنى من تزويج الجمل المفيدة.

ومثاله ما حكى أن أبا تمام أنشد أبا دلف:

على مثلها من أبع وملاعب

فقال: من أراد نكتة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فولد بين الكلامين كلاماً ينافي غرض أبي تمام من وجهين: أحدهما خروج الكلام من النسيب إلى الهجاء بسبب ما انضم إليه من الدعاء، والثاني خروج الكلام من أن يكون بيتاً من شعر إلى أن صار قطعة من نثر.

ومن هذا الضرب قول الشاعر طويل:

ألوم زيادا في ركاكة عقله ... وفي قوله أي الرجال المهذب

وهل يحسن التهذيب منك خلائقا ... أرق من الماء الزلال وأطيب

تكلم والنعمان شمس سمائه ... وكل مليك عند نعماك كوكب

ولو أبصرت عيناه شخصك مرة ... لأبصر منه شمسه وهو غيهب

فإن هذا الشاعر زوج مدحة ممدوحه بتهذيب الأخلاق إلى قول النابغة أي الرجال المهذب فتولد بين الكلام ما ينافي غرض النابغة، حيث

<<  <   >  >>