فخاطب في البيت الأول، وانصرف عن الخطاب إلى الإخبار في البيت الثاني وانصرف عن الإخبار إلى التكلم في البيت الثالث على الترتيب.
وفي الالتفات نوع غير النوعين المتقدمين، وهو أن يكون المتكلم آخذاً في معنى فيمر فيه إلى أن يفرغ من التعبير عنه على وجه ما، فيعرض له أنه متى اقتصر على هذا المقدار كان معناه مدخولاً من وجه غير الوجه الذي بنى معناه عليه فيلتفت إلى الكلام، فيزيد فيه ما يخلص معناه من ذلك الدخل، كقول شاعر الحماسة: طويل
فإنك لم تبعد على متعهد ... بلى كل من تحت التراب بعيد
فإن هذا الشاعر بني معناه على أن المقبور قريب من الحي الذي يريد تعاهده بالزيارة، إذ القبور بأفنية البيوت غالباً، فلما فرغ من العبارة عن معناه الذي قدره على هذا التقدير، عرض له كأن قائلاً يقول له: وأي قرب بين الميت المدفون تحت التراب والحي، فالتفت متلافياً هذا الغلط بقوله: