التدبر بدقيق الفكر وراجح العقل، ومنه قوله تعالى:" فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر " ولا يجوز التبديل بينهما، إذ لا يجوز النهي عن انتهار اليتيم لمكان تأديبه، وإنما ينهى عن قهره وغلبته، كما لا يجوز أن ينهر السائل إذا حرم، وليرد رداً جميلاً، ومن ذلك قوله تعالى:" إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فإن قوله تعالى: " وإن تغفر لهم " ربما أوهم بعض الضعفاء أن الفاصلة لو كانت " غفوراً رحيماً " كانت أنسب لمكان " وإن تغفر لهم " ويذهل عن كونهم يستحقون العذاب دون الغفران، وإن قوله " العزيز الحكيم " بعد قوله " وإن تغفر لهم " أنسب، لأن من يغفر لمن يستحق العذاب إنما يكون من لا فوقه أحد يرد عليه حكمه، ومن كان كذلك كان عزيزاً ممتنعاً من الرد عليه، ومن كان حكيماً وضع الشيء في موضعه، وإن كان ظاهر فعله موهماً بأنه على خلاف الحكم، لخفاء وجه الحكمة بمكنون الغيب عن المخلوق القائم عن إدراك أسرار الربوبية.
ومن التخيير ضرب غير هذا، وهو أن يؤتى بقطعة من الكلام أو بيت من الشعر قد عطف بعض جمله على بعض بأداة التخيير كقوله تعالى:" فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة " وكقول الشاعر بسيط