للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدخلاً عظيماً مع غيبة النائب. وفي يوم الاثنين سابع عشرينه، وهو سادس كانون الثاني، وكان يوماً كثير الوحل، ودخل من مصر إلى دمشق نائب قلعتها الجديد عوضاً عن الأيدكي المطلوب إلى مصر، المصادر من مدة، وهي شاغرة، واسم هذا الجديد يخشباي. وفي عشية يوم الأربعاء سلخه رجع النائب إلى دمشق مع أناس قلائل، وقد كاد أن يموت، وقيل إنه سقط عن فرسه من كثرة الثلج في بلاد حوران ودمشق، فإنه أتى من يوم الخميس المار، واستمر إلى الآن ماكثاً.

وفي ليلة الخميس ثامن ربيع الآخر منها هلك في الحبس شعبان الحوراني، ثم المزي، أكبر الشاغرين، ثم المباشرين، لقتل الزيني بن الشيراجي، وأخذ من الحبس إلى المزة ودفن بها، وكان عليه آثار الإجرام ظاهرة، بعد أن كان في أوائل أمره قرأ شيئاً من القرآن بالمدرسة المنجكية، ثم أقرأ الصغار بالمزة، ثم صار من أعيانها، ونم على أهلها عند أستاذها، ورافع بن الشيراجي إلى مصر، ثم رجع واستمر يحط عليه، حتى هجم عليه مع جماعة بيت ابن الرجيحي، فقتله كما تقدم.

وفي يوم الثلاثاء ثالث عشره سافر إلى مصر مطلوباً ابن الرجيحي الذي قتل ابن الشيراجي ببيته، ليشهد على القاتلين رفقاء شعبان الذي هلك بدمشق، وهم أخذوا إلى مصر. وفي هذه الأيام استقر أينال نائب طرابلس في نيابة حلب، وآقباي نائب غزة استقر في نيابة صفد.

وفيه وقعت فتنة بين دوادار السلطان والحاجب الثاني بدمشق، الساكنين يومئذ بالسكة الآخذة من الشامية الكبرى إلى جامع التوبة، وقتل وجرح جماعات، واستمر في ذلك أياماً، وطلب الدوادار من النائب أن يرسم له بجماعة يمسكوه ويصعد به إلى القلعة، فأبى النائب ذلك حتى يأتي مرسوم السلطان. وفي هذه الأيام تضاعف وقوف حال الناس بسبب كثرة وقوع الثلج والجليد من أول الأصم إلى آخره، حتى وصل الثلج إلى مصر على ما قيل، ومات دواب كثيرة، وغلا سعر اللحم حتى صار رطله بخمسة دراهم، وسعر القمح حتى صارت الغرارة بنحو الأربعمائة.

وفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى منها، قرئت المراسيم التي وردت من مصر بعزل دوادار السلطان وتوليته أمرة الحج، وأن الأمير ميسرة أمير الحج برد بك يكون مكانه بالدوادارية، زيادة على أمرة الميسرة، وأن الحاجب الثاني، معزولاً منها، باقياً على أمرة بيده؛ ووردت الأخبار بأن السلطان أمر بضرب القاضي محي الدين بن الرجيحي بالمقارع، فشق ثيابه لذلك، فشفع فيه كاتب السر، وضرب أخو شعبان بالمقارع.

<<  <   >  >>