وفي يوم الخميس خامس جمادى الآخرة منها، لبس دوادار السلطان المعزول أمرة الحاج، وأمير الحاج المعزول مكانه. وفي بكرة يوم الاثنين سادس عشره دخل من مصر إلى دمشق كاتب سرها المحب الأسلمي، وهو ناظر القلعة، مخلوعاً عليه، ولاقاه النائب والجماعة على العادة.
وفي يوم الاثنين ثامن رجب منها، دخل من مصر إلى دمشق حاجب ثاني، عوضاً عن تنم المعزول، وتلقاه أرباب الدولة على العادة، واسمه برسباي. وفيه لبس القاضي محب الدين بن القصيف خلعة بقضاء الحنيفة، وفوض لجماعة منهم: شمس الدين بن الشيخ عيسى، ومنهم عز الدين بن حملان. وفي ليلة الثلاثاء تاسعه قدم من صفد العلامة محب الدين أبو الفضل بن الإمام، ونزل ببيت حميه شمس الدين بن كامل، وسلم عليه من فر من دمشق لأجله القاضي الشافعي، فرضى عليه لذلك.
وفي ليلة الخميس ثامن عشره، قريب وقت ثلث الليل، احترق مربع باب الجابية وشماليها وشرقيها إلى الباب، وذهب فيه للناس أموال كثيرة، وغالبها نهبت قبل وصول الحريق إليه، سيما الحريرية والشماعين والحبالين والحدادين. وفي هذ الأيام هبط سعر القمح إلى ثلاثمائة وخمسين، بعد أن كانت غرارته وصلت إلى الخمسمائة. وفيها نزل صانع حمام بيدمر، أحمد القزيزاتي، إلى الماء الذي بقدرة الحمام ليسد العيب الذي بها على عادته، فمات وتعلق الظلمة على معلم الحمام.
وفي يوم الثلاثاء مستهل شعبان منها، دخل من مصر إلى دمشق الدوادار الثاني للمقام الشريف، ماماي، ماراً في الرسلية إلى ابن عثمان، وأثنى عليه الناس في سفره، فإنه لم يأخذ من التجار شيئاًُ ولا مكن الخفر منهم، ونزل بالقصر، وكان معه تحف كثيرة، منها أربع خيول خاصات لم ير الراؤون مثلهم. وفي ليلة الأربعاء ثانيه وقت العشاء احترق الفرن وما فوقه وحوله قبلي التربة التي بالحدرة، بمحلة القربيين، فأدركت وأطفئت.
وفي يوم الخميس سابع عشره أسلم صدقة السامري، الذي كان دخل في مظالم الناس بدمشق، ثم صودر وحبس بالقلعة، فلما أسلم يومئذ أخرج منها، وخلع عليه أرباب الدولة، وحكم بإسلامه القاضي الشافعي، وحصل له إكرام، ثم عاد باختياره إلى القلعة حتى يأتي جواب السلطان، ثم في ثاني يوم أتى إلى الجامع الأموي إلى عند بيت الخطابة فصلى ركعتين، ثم جلس إلى أن جاء الشافعي فقام له، ثم صلى الجمعة خلف ظهره، ثم رجع إلى القلعة.