الأحمر، فأشاع العصاة بأن السلطان رضي على أينال الفقيه المعزول، وأن خلعته واصلة، وأن كرتباي عزل عنها، والله أعلم بصحة ذلك.
وقد جرت عادة العصاة أنهم يناقضون ما أشاعه الطائعون، حتى لا يذهب عنهم غوغاء الزعر، ومشائخ العشير، ويظهرون القوة وشدة البأس حتى أشاع بعضهم أنهم أرسلوا يطلبون علي دولات أخا سوار ليستعينوا به في القتال، تحنيقاً وإرهاباً وزوراً، وقد كثر الكذب منهم وعنهم، وهو دليل الإكبات.
وفي يوم السبت سابعه حرق الطائعون مكتب ومسجد المدرسة المزلقية بمحلة مسجد الذبان.
وفي يوم الاثنين تاسعه اتقع الفريقان بالنشاب والبندق الرصاص وغير ذلك، وتزايد الحرب، واشتد القتال، وقتل جماعة وجرح آخرون، ثم ولوا بعد المغرب.
وفي يوم الأربعاء حادي عشره وصلت النار إلى المئذنة البصية، بمحلة مسجد الذبان، فسقطت بعد العصر وتباشرت الناس يومئذ بقرب دخول العسكر المصري إلى دمشق، مع شدة الخوف في كل حارة بدمشق من الحريق والنهب، وتعاظم الأوباش من الزعر وغيرهم، لميل الترك إليهم لجعلهم مشاة لهم.
وفي هذه الأيام شاع بدمشق أن العصاة عملوا لأنفسهم بقسماطا كثيراً، وحزموه في زواملة، وحزموا حطباً كثيراً، وهم ينقلون الخيل على هيئة المتأهبين للرحيل.
وفي ليلة يوم الأحد خامس عشره رحل غالب أهل ميدان الحصى، والقبيبات، إلى محلة قبر عاتكة، والشويكة وغيرهما.
وشاع أن العصاة مولون وكان طلب منهم أهل الميدان، والقبيبات، أن يتلبثوا لهم حتى ينقلوا حوائجهم ويوزعوها، خوفاً من النهب من الطائعين، والعشير الذي عندهم، وأهل الشاغور وغيرهم.
وفيه حرق الطائعون من أهل القلعة والشاغور بيت المنوفي الطباخ، وبيت زقزوق بجواره، وأرادوا إحراق السويقة المحروقة، فلطف الله وتركوها.
ثم في آخر هذا اليوم ركب العصاة من أواخر مقابر باب الصغير، وبعضهم من الطريق السلطاني، وهموا بإحراق محلة قصر حجاج، من عند بيت فارس، فطفيت النار، واستمروا في القتال إلى بعد العشاء، ثم ولوا.
وفي بكرة يوم الاثنين سادس عشره نادي العصاة بلبس العدة الكاملة، وأن أحداً لا يخرج من بيته، وأن اليوم يوم الزحف على المدينة، وركب معهم ابن القواس، وكانت ركبة مهولة لم يركبوا مثلها، وأتو بمكاحل كبار وصغار، ونصبوها بمقابر باب الصغير، ووطئوا على مقابر