محاصر من الدوادار آقبردي، وصحبته أمير ميسرة بدمشق، مخلوعاً عليهما، وتلقاهما أرباب الدولة، والقضاة، ونائب طرابلس، ونائب صفد، وكاتب السر محب الدين الأسلمي الهارب كما تقدم، ونزل الإصطبل، بعد أن انتقل الحواط منه إلى دار السعادة.
وفي هذه الايام غضب القاضي الشافعي على نائبه شهاب الدين الرملي، فعزله مرة ثانية.
وفي يوم السبت سادس عشر جمادى الأولى منها، دخل إلى دمشق نائب غزة قراجا، ونزل على المصطبة، وأرباب الدولة جميعهم بها؛ قصروه نائب حلب، وأركماس نائب طرابلس، وبرد بك نائب صفد، والحاجب الكبير بدمشق، وقد استناب في نيابة الغيبة لأبي قورة القجماسي، ولم يبق بدمشق، من الترك إلا هو، ونائب القلعة، وقد قيل إن الحيرة دخلت عليهم لكثرة الخلق من الدوادار آقبردي، الذي هو محاصر حلب من مدة، وإلى الآن.
وفي يوم الخميس حادي عشريه فوض القاضي الشافعي نيابة القضاة لمحمد ولد الشيخ التقي بن قاضي عجلون، وخلع عليه خلعة خضراء، صوف بفرو سمور.
وفي يوم الحمعة، بعد صلاتها، تاسع عشريه، دخل من مصر إلى دمشق خاصكي، ماراً إلى البلاد الحلبية، قيل معه خلعة للأمير علي دولات، الذي هو الآن صحبة الدوادار أقبردي، وإنه يقول له: إن كان الأمير علي طائعاً يلبس هذه الخلعة ويقبض على الدوادار المذكور، وإن كان عاصياً يظهر عصيانه، وتلقاه يومئذٍ بدمشق من أرباب الدولة، والقلعية، والحرافيش على غير العادة.
وفي يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة منها، دخل من مصر إلى دمشق باش العساكر تنبك الجمالي، وصحبته الأمير آخور بباب السلسلة قنبك الرماح باش المماليك.
وفي هذه الأيام قد امتلأت دمشق من المماليك المصرية، وكثر فسادهم، وامتنع أرباب الدواب من إخراجها من البيوت، وانقطع الجلب من دمشق، وهجموا على بيوت كثيرة.
وفي هذه الأيام شاع بدمشق أن الدودار آقبردي والهعصاة معه قد هربوا من محاصرة حلب وولوا، وأن الأمير علي دولات قد انقلب عليهم لعلمه بأن السلطان الجديد أشد عداوة للدوادار المذكور، ظاهراً وباطناً، بخلاف السلطان المقتول، وأن تنبك قرا خامر عليهم، وقرر في نيابة البيرة بشفاعة أتابك العساكر أزبك.
وفي بكرة يوم الجمعة ثالث عشره ركب المماليك المصرية السلطانية على باشهم الصغير أمير آخور، وهم بدمشق، لأجل أخذ الجامكية.