متسلم جان بلاط أتى من حلب، ليتسلم لأستاذه دمشق، حسب ما رسم له بها السلطان الملك الناصر محمد المقتول، بعد عزله من حلب وتوليتها لقصروه ومسافرته لنيابتها، ونزل بالمصطبة، وأن المماليك المصرية عارضوه في تسليم دمشق لأستاذه جان بلاط، إلا بمرسوم شريف من السلطان الجديد لملك الظاهر قانصوه وكادوا أن يقتلوه، فهرب منهم وتحصن في مكان، وسبب ذلك على كما قيل أن المتسلم المذكور تعرض في طريقه لبعض من ينتسب إلى باشهم قنبك الرماح، فأتوا إلى أستاذهم وشكوا إليه، فأرسل المماليك يعارضونه، ثم دخل القاضي الشافعي في الصلح بينهم خوفاً من فتنة تقع، فخرج إلى المصطبة ومعه بقية القضاة الأربعة، عشية السبت رابع عشره ولاطف الجميع حتى اصطلحوا.
وفي بكرة الأحد خامس عشره دخل المتسلم المذكور إلى دمشق ومعه القضاة، وقنبك الرماح والمماليك، على العادة خبراً لما وقع.
وفي بكرة يوم الثلاثاء سابع عشره دخل من مصر إلى دمشق الحاجب الثاني بمصر، وصحبته عدة سبع بغال، وقيل ثمان، عليها مالا في صناديق صغار طوال، قيل في كل حمل عشرون ألف دينار، وقيل في كل صندوق، أرسله السلطان ليصرف على العساكر المرسلين إلى الدوادار الهارب ومن معه، وقيل إن هذا المال اطلع عليه السلطان الجديد في مخبأة في بيت قايتباي، كان ادخره لابنه الناصر محمد، وقيل إنما مال الدوادار آقبرديب ظفر به في بيته، وكان أرساله لطفاً من الله بأهل دمشق، وإلا كان غالب أكابرهم في المصادرة؛ وتلقاه القضاة المصريون على العادة.
وفي عشية هذا اليوم وصل النائب الجديد جان بلاط من حلب، إلى مصطبة السلطان بدمشق.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشره كان الأمير خير الرملي، ابن عم قاضي القضاة الخيضري، جالساً بسوق جقمق، وأتاه رجل أصله مملوك، كان أجيراًَ للشويخاتي، بقرب سوق البزورية، ثم خدم في فتنةالدوادار إلى أن صار على هيئة المماليك السلطانية، فضرب خيراً المذكور، فظن أنه يلعب معه، فإذا هو سكران، فحاضنه، فأخرج المملوك سكيناً فضرقه بها في بطنه، فقتله، فمسك ووضع بالقلعة، ثم شكىعليه لباش المماليك قنبك الرماح، فأخر أمره ليحكم فيه ملك الأمراء الجديد.
ثم استمر النائب الجديد ليدخل أول رجب، وقيل ليراجع السلطان الجديد ويخرج له تقليده بدمشق، وقيل ليتوجه العسكر المصري الذي بدمشق إلى حلب.
وفي بعض هذه الأيام ركب النائب المذكور من المصطبة وأتى على الصالحية، ثم نزل منها إلى أن أتى إلى زيارة تنبك الجمالي الباش الكبير، وهو نازل ببيت برد بك نائب صفد، الذي جوار بيت شاد