وفي يوم الأحد والاثنين سابع وثامن عشريه شاع بدمشق أن أبا يزيد بن عثمان ملك الروم قد تحرك، وهم بالمجيء والمشي على هذه البلاد، لأجل من قتل الملك الناصر محمد بن قايتباي، قيل لكوهه صاهره وأراد تزويجه بابنته، وقيل بابنة أخيه الجمجمة، التي هي من مدة سنين بمصر، مع أم الجمجمة التي توفيت، كابنها الجمجمة، وإن ابن عثمان استفتى على من قتله، وتولى مكانه، وما أظن هذا الشيوع صحيحاً، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشربه جاء مبشر من مصرلا بخروج خلعة النائب الجديد، فطاف على القضاة، والأمراء، وأخذ من بشارته مالاً كثيراً.
ودقت البشائر إلى صبحة يوم الخميس متسهل أو ثاني شعبان منها، فخرج أرباب الدولة، والقضاة الأربعة، والنائب، والعبيد البارودية مشاة بين يديه، والقلعية قبلهم، والحرافيش قبلهم، ولبس من قبة يلبغا على العادة، ودخل في أبهة حافلة، وعليه خلعة خضراء بسمور خاص، بشاش بطراز خاص، وقدامه خاصكي بخلعة بطراز.
وفي عشية يوم الجمعة ثانيه أو ثالثه سافر من دمشق إلى بلده بيت المقدس، الشيخ برهان الدين، أخوا العلامة كمال الدين بن أبي شريف، وقد أتى إلى دمشق مراراً، ثم إلى حلب، ثم إلى مصر، ثم إلى بلده، وأكرمه في هذه المرة القاضي الشافعي قولاً وفعلاً، وأنزله ببيت السيد تاج الدين قاضي حلب، بعد أن كان نزل بخلوة بالخانقاة السيمساطية، وأراد البرهان المذكور أن يتزوج من بنات دمشق، فلم يتيسر له، فأرتاد التسري فلم يتيسر له إلا بسمراء، وهو منور الوجه، كثير الفضيلة، وسافر صحبته العلامة علاء الدين البصروي الدمشقي، وجماعة.
وفي هذا اليوم صلى النائب في الجامع الأموي، وأقد له بباب البريد الشموع والسرج الكثيرة.
وفي يوم الاثنين سادسه لبس النائب خلعة، وذلك بعد أن ودع الحواط إلى قبة يلبغا، وخرج أرباب الدولة على العادة، ثم رجع من وداعه وهو لابسها، وقيل أن الحواط خلعها عليه، كما خلع هو عليه، وقيل خلع نظر الاقطاعات، وقيل خلعة الاستمرار.
وفي هذه الأيام اتفق موت اثنين من أكابر القلعية، أحدهما ديوانها عبد القادر، والثاني أحد مقدميها ابن سكر.