وفي يوم الخميس ثالث عشريه سافر النائب إلى حوران، وانحاز على العرب، وكسب منهم إبلا كثير، ثم عاد إلى دمشق يوم الأحد سادس عشريه، وكان القاضي الشافغي حينئذ بالخانقاه الكججانية بالشرف الأعلى.
وفي ليلة السبت خامس عشريه فقد الرجل المجرم الأزعر المشهور بابن الطيبي الحوراني الأصل الحصوي، قرب العشاء بدمشق، ثم وجد مطروحاً في نهر الأنباط، شرقي جامع نصر الدين محمد بن منجك، بميدان الحصى، وأراح الله منه العباد والبلاد، والله الحمد.
ثم في يوم الاثنين سابع عشريه قبض على غرمائه وهم ثلاثة، فشنقوا، بعد أن تبين أنهم قاتلون لغيره أيضاً.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشريه دخل إلى دمشق وزير الملك المرحوم محمد بن عثمان، وصحبته ملكة في ثقل كبير، قاصداً الحج، وتلقاه أرباب الدولة: النائب، فمن دونه، ومشاة دمشق، وزعرها، بإشارةالنائب، إرهاباً للعدو، ودخل من المصطبة في أبهة حافلة.
وفي هذه الأيام قبض النائب على مقدم البقاع ناصر الدين بن الحنش، وكان حضر معه إليه أيضاً مقدم نابلس خليل بن إسماعيل، وخليل بن شبانة، وابن الجيوسي، وغيرهم من مقدمي البلاد ثم قبض على خليل بن إسماعيل وبقية المقدمين وجماعاتهم، وطلب من كل واحد من المقدمين وجماعته وبلاده، ومائة ألف دينار.
وفي يوم الخميس سلخه شكا جماعة من القبيبات للنائب، في رجوعه عليهم في الموكب، الفقر والعجز عن القيام بثمن الجمال، التي طرحها عليهم من كسب عرب آل مرى، فوقف في موكبه واستدعى منهم جماعة، واستعدى بالمشاعلية وغيرهم، وأمر بضربهم ضرباً مبرحاً، وهو حاضر قابض على فرسه إلى أن فرغ منهم، ثم ألزمهم بمال كثير عن الجمال التي طرحها عليهم، ولا قوة إلا بالله.
ثم عزل النائب لسودون شيخ القبيبات وولي مكانه ابن الدشاري، وطرح بقية الجمال والنوق وأولادهم على أهل دمشق، فالكبار على أهل الحارات كل واحد بأضعاف ثمنه، والصغار على الطباخين ونحوهم، وهي تجأر إلى الله من الجوع والعطش والفراق، وعدتها كثيرة، قيل ألفين، وهذا شيء لم يعهد مثله، فالله يريح المسلمين منه ومن أمثاله.
وفي عشية اليوم المذكور تراءى الناس الهلال على العادة، فرأوه خفيفاً جداً، فعلموا أن أول رمضان الجمعة، وتبين كذب من شهد، وردت شهادته، فأصبح الناس صياماً.
وفي يوم الأحد ثالث رمضان منها، أتى المقدم ناصر الدين بن الحنش إلى القاضي الشافعي، وقد أفلته النائب على نحو عشرين ألف دينار، فسلم على القاضي، ثم خرج