وركب، ثم غاب بجماعته ساعة، ثم أتى ودخل إلى القاضي المذكور، وفي وجهه حديث كثير كالمتحير، فأخربه أن النائب ولي على بلاده أخاه حسنا، وخرج حسن المذكور، ومعه مماليك النائب ليسلم البلاد، ثم خرج المقدم ناصر الدين من عند القاضي المذكور، وهرب، ثم خرج على المماليك بجماعته وعشيره، وكادوا يزحفون إلى دمشق، على ما قيل، فرجع المماليك خائبين آيسين من تسليم البلاد، فلما بلغ النائب ذلك غضب.
وفي يوم الأربعاء سادسه قبض جان بلاط، دوادار السلطان بدمشق، على المجرم إبراهيم بن عطا، أحد زعر الصالحية المفسدين،، وز عليه امرأة من القبيبات، وكان مختفياً هناك، وأتى به إلى النائب، فأمر بأن يشنكل ليقر بما نهب في وقعة الدوادار من القبيبات، فوعد، وهو معلق بشجرة قرب دار السعادة، بمبلغ مائة دينار ويطلق، فلما أراد النائب السفر في آخر النهار المذكور، إلى حصار بلاد ابن الحنش، وهو راكب تجاه دار السعادة، قال له جان بلاط دوادار السلطان المذكور: يخشى من أهل الصالحية في هذه الهرجة أن يأتوا وينزلوا هذا المشنكل من الشجرة وتذهب الحرمة، فأمر بإنزاله وتقريعه وشنقه، ففعل معه ذلك، فشنق مكانه والنائب راكب على فرسه.
ثم قال له جان بلاط المذكور: إن سافرت وتركت المقدمين ابن إسماعيل،، وابن شبانة، وابن الجيوسي في غير القلعة يخشى عليهم من الهروب، أو فتنة تقع بسببهم، فأمر بنقلهم إلى القلعة، لأجل المال المرتب عليهم، وأكد الاحتراس على ابن معن، لكون بلاده مجاورة لبلاد ابن الحنش، فرفعوا إلى القلعة، ورفع معهم ناظر الجيش الخواجا ابن النيربي، ثم سافر النائب إلى بلاد ابن الحنش، وأهل دمشق يومئذ في ضيق ووقوف حال بسبب ذلك وغيره.
وفي حال سفره عدا مملوك له ليلحقه، فصدمت فرسه صبياً مميزاً كان مع أبيه على الجسر الناصري، غربي التغرورمشية، فسقط في نهر بردى في قوة حمله، فلم يدركه أحد، ولا ميتاً، ولم يعلم أين ذهب، وكأنه لم يكن في ساعة واحدة ولا قوة إلا بالله.
وفي عشية يوم الخميس سابعه شاع بدمشق أن النائب حرق بيت ابن الحنش بقرية قبر إلياس، ونهب العسكر جميع ما وجدوه بالبقاع، ثم شاع بها بعد ذلك أن النائب دخل بيروت، وأخذ من الفرنج عدة أحجار فضة، تزيد على خمسين حجراً، وعدة خمسة عشر جوخ رفيع، وختم على بضائعهم، يعد تقويمها بأضعاف ثمنها، ليأخذ عشرها بأزيد من العادة، وأن الشيخ