شرقي المصلى، ثم سحب ووضع بين المقابر بعد العشاء، ثم أتى جماعة من أعوانه فحملوه ليلاً في نعش وأتوا به بيته.
فلما أصبح يوم الجمعة ثاني عشره غسل وكفن وحمل على أعناق الحمالين، فرجمه العوام، وكانت ساعة مهولة، وقيل إنه سقط، ورجعوا به ودفن في مقبرة مرج الدحداح، في قبر يدخل فيه ماء قليط، ولا قوة إلا بالله؛ ثم حصل بين الناس وبين نائب الغيب قلاقل كثيرة، وهم أن يكبس على أهل الميدان، وتحصل أهل الزعارة للشر والنهب، ثم خفض على نائب الغيبة نائب قلعة دمشق.
وفي يوم الأحد رابع عشره وقع نائب الغيبة برجلين تاجرين بسوق جقمق، أحدهما ابن الموقع، وضربهما مبرحاً بالمقارع، لكونهما دعوا لأهل الزعارة؛ ثم في عشيته نودي من قبل نائب قلعة دمشق بالأمان، وأن المقتول محمد بن الأقفالي من بعض الكلاب.
وفي يوم الأربعاء سابع عشره وقع نائب الغيبة بشاب شريف، وهو ابن السيد أحمد الصواف، من حارة العبسيين، فوسطه من غير جرم، فثار عليه الغوغاء وهجموا على حارة العبيد، الذين كانوا تسلطوا على الناس بالبلص والنهب، ويمشون قدام النائب وغيره، فقتلوا جماعة منهم، ونهبوا ما في بيوتهم، وبيوت من حولهم، قرب بيت نائب الغيبة الحاجب، وكادوا أن يقعوا به، فنادى نائب القلعة للناس بالأمان، وأن الحاجب بطال، وأن دوادار السلطان يتكلم في نيابة الغيبة، إلى أن يأتي من مصر أمر يعتمد عليه، فهمد الغوغاء ورجعوا.
وفي بكرة يوم الخميس ثامن عشره أتى من مصر هجان صحبته مراسيم ومكاتبات، قرئت بقلعة دمشق، وفيها الإنكار على أفعال النائب المتوفى، فيما كان بلغنا عنه من الأجحاف بالناس، وأن فلان بمصر هو الحواط يأتي قريباً، أنه لم يتعين إلى الآن نائب، والوصية بالناس.
وفيه جاء الخبر أن القاضي الشافعي، شهاب الدين بن الفرفور، تولى قضاء مصر أيضاً في رابع شهر ربيع، مضافاًَ لقضاء الشام.
ثم في عشيته مر مرج دوادار الحاجب بأطراف البلد، فثار أهل الزعارة، وهجموا بالزحف على الحاجب.
وفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر منها، ثارت الغوغاء وقفلوا المدينة وما حولها، وأرادوا إبطال الجمعات من الجوامع.
وفي هذه الأيام توفي الرجل الشريف الشمسي محمد بن سرار الشاغوري، ثم العاتكي، بصالحية دمشق.