وفي يوم الخميس ثامن عشريه ورد مرسوم شريف بتحليف الأمراء بقلعة دمشق، بأن يكونوا على جهة السلطان وعمده، فأطاع جماعة ودخلوا القلعة وحلفوا، وتخلف جماعة، منهم أركماس، الذي كان غائباً عن دمشق مدة، وكان النائب المتوفى حرق بيته، ثم لما توفي النائب شاع بدمشق بأنه سعى في النيابة، ثم لما شاع تولية سودون العجمي دخل هو دمشق وتضاعف؛ وممن تخلف عن دخول القلعة والحلف أيضاً الأمير جانم مصبغة، والأمير قايتباي، والأمير يخشباي، فتريب غالب الناس، وانتقل جماعة من الأمراء من خاج المدينة وسكن داخلها، فازداد تريبهم.
وفي يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة منها، نودي بدمشق من قبل المتسلم بأن الأمراء والمستقطعين، في يوم الأربعاء الآتي، يعرضون بآلة الحرب الكاملة؛ وشاع بأن نائب القلعة ودوادار السلطان بدمشق، وكذا بقية المباشرين، شرعوا في بناء سور بأبواب بأواخر العمائر، آخر القبيبات، فوقف حال الناس زيادة عل ما هم فيه، ولم يصح إلا الآن أن النائب الجديد خرج من مصر لأجل الاختلاف بيت الترك، فالله يحسن العواقب.
وفيه حض قاضي الحنفية والمالكية والمتسلم وغيرهم بالمصلى، وحلفوا الغوغاء من أكابر الزعر بأنهم من جماعة السلطان، بشرط أن يوضع في كل حارة أمين.
وفيه نودي بأن أحداً لا ينتقل من بيته.
وفيه نودي أيضاً ان المعمارية النجارين والحجارين، كلهم يبيتون بالقلعة.
وفيه شاع بأن المخذول دولتباي نائب طرابلس، وصل إلى حمص وأنه قبض على صهره نائبها، وأنه توجه بعسكر نحو ألف نفس إلى حماة، وإلى الآن لم يصح خروج نائب الشام من مصر، والناس في شدة.
وفي ليلة الخميس سادسه وصل من حماة نائبها جانم، هارباً بنفسه إلى دمشق، وهو يبكي على بناته بكاءً شديداً، قال: لعلمي بفسق دولتباي؛ ثم رفع إلى قلعة دمشق.
وفي اليوم المذكور وسط بالسيف أحد المجرمين صيور بن محمود، وأراح الله منه العباد والبلاد، وكان له مدة مستخفياً، فوقع في يد بعض الغوغاء فحصروه وجرحوه وأرادوا قتله، فقبض عليه الأمير قلج متسلم دمشق، فكثرت الشكاوى عليه، فأمر بتوسيطه فوسط.
وفي يوم الاثنين عاشره اتفق رأي المباشرين أن تعرض المشاة من كل حارة، وكذلك الجند، إرهاباً للعدو، فعرض عليهم غوغاء ميدان الحصى والقبيبات بالميدان الأخضر، وازداد طغيان زعرهم، وعلموا العجز من أرباب الدولة.
وفي يوم الخميس ثالث عشره قام بالشاغور أزعرهم أبو طاقية، وجمع زعر الغوغاء وما