وفي يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى منها، دخل من مصر إلى دمشق قاضي الحنفية بها زين الدين بن يونس، عوضاً عن البدري الفرفوري؛ وقرأ توقيعه بعض الجهلة محيي الدبن بن شعبان الغزاوي، فلم يفهم غالب الحاضرين ما فيه، ولا علم تاريخه؛ وحصل له عقيب ذلك قلبه، واستمر البدري المنفصل وقد تقدم أنه فيها من رجب من الماضية.
وفي ليلة الأربعاء خامسه سافر القاضي الشافعي إلى قسم بيت سراً، ثم أتى في ثاني عشره. وفي هذه الأيام توكأ مؤذن مئذنة مسجد قناة الشنباشي، داخل باب الصغير، على الدرابزين، فسقط بها إلى أسفل، فمات.
وفي يوم الاثنين سابع عشره دخل من مصر، راجعاً، تاج الدين، ديوان القلعة، وابن ديوانها، وتلقاه أرباب الوظائف على العادة، بعد أن صودر بمال كبير، وكان سبب ذلك محب الدين الأسلمي؛ ولما كان في الطريق قبل وصوله دمشق بلغه عن زوجته، بنت العلامة زين الدين بن العيني، أنها أحدثت فاحشة في غيبته، مع الأمير طومان باي نائب القلعة، طلقها ثلاثاً، وردت إلى أهلها، ولا قوة إلا بالله؛ وهي كانت قبله زوجة عمي القاضي جمال الدين بن طولون، وتعاديا لأجلها، ثم خطبت عند تاج الدين، فلما غاب خانته.
وفيه نودي من قبل النائب أن على كل حارة عشرين ماشياً، يسافرون صحبة النائب إلى كرك الشوبك، حسبما رسم به المقام الشريف؛ فشرع عرفاء الحارات في جباية مال لهم، وتوقف حال الناس.
ثم قرئت المراسيم بعزل نائب القلعة طومانباي، ونقيبها، اللذين تخاصما فيما مضى؛ وكان أتى خاصكي بالكشف عليهما، فرسم له بأن يستمر بالقلعة يحرسها عوضهما، حتى يأتي إليه ما يعتمده، فانتقلا من القلعة.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشره وقع المطر الجديد بدمشق قليلاً، وبنواحي سنين كثيراً، جعله الله مباركاً. وفي يوم الخميس عشريه فوض القاضي الشافعي إلى صدر الدين بن أحمد بن الموصلي نيابة القضاء، ولا قوة إلا بالله.
وفي بكرة يوم السبت ثاني عشريه خرج النائب بجماعة من دمشق، فسافر إلى بلاد حوران، ونزل عند قبة يلبغا. وفيه فوض القاضي الشافعي نيابة القضاة لشهاب الدين بن الحداد، الشهير بابن الملاح، فصارت عدة نوابه ستة عشر نائباً، ثم سافر القاضي الشافعي إلى بعلبك.