للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بناه كاتم السرّ محب الدين الأسلمي، قبلي قبّة الشيخ رسلان، من حيطان، على مقابر المسلمين، ونبش قبور جماعة، فرجع القضاة ومعهم جماعات أخر إلى المكان المذكور، وهدموه، وقد غرم عليه جملة، وحصل عنده قهر، وهو ناوٍ للشرّ لمن كان السبب في ذلك.

وفي يوم الجمعة رابعه أتى النائب إلى الجامع، وصلّى بالشباك الكمالي على العادة، فذهب القضاة الثلاثة، والسيد كمال الدين، إلى عنده، فأخرج النائب لهم من جيبه بسلارية، درجاً طويلاً، مكتوباً بخط هذا الشريف المغربي، الذي أتى إلى الصالحية، وفيه آيات من القرآن، وأحاديث من السنة، في التحذير من الظلم، وللترك ونحوهم.

ثم انتقل إلى الفقهاء والقضاة، فحذّرهم من أكل مال الأوقاف، ثم حرّض على الاستسقاء وذكر ما يتعلّق بذلك، ومن نقل ذلك من السلف بحيث أن النائب ذرف دمعه؛ فهم في أثناء قراءة ذلك وقع المطر، لكون النائب يرى الإقلاع عن الظلم، وكذلك بعض الحاضرين، فاعتقد الناس صلاح الكاتب المذكور، وزاد فيه من كان يعتقد، بحيث يخشى على الكاتب العجب بنفسه.

والحال أن جلّ قصده وبيت قصيده هو شيخ الأسلام تقي الدين بن قاضي علجون، بل قيل لي إنه صرّح به في الكتابة المذكورة، وحطّ عليه كعادته، لكنهم لم يقرأوه احتراماً وخوفاً من عاقبة ذلك، وبلغني ممن أثق به أنه صرّح بأنه فاسق، ولا خلاف أنه حطّ عليه بكلمات لا ينبغي أن يقولها وليّ الله، إذ شرطه أن يكون محفوظاً من الزلل، كما أن شرط النبي أن يكون معصوماً من الخلل، وحجّة الكاتب المذكور أن تقي الدين هذا لا ينهى عن المنكر، وأنه يأكل الأوقاف الحرام، منها مكان في الصالحية يعرف بالسيفية.

وبلغني من جمّ غفير أن شمس الدين الكفرسوسي ذهب إليه إلى الصالحية بجمّ غفير، فكان المجلس جميعه في غيبته، ويقول عنه إنه شقي الدين بحضرة الجمّ الغفير، قيل إنهم نحو المائتين؛ ثم ذهب إليه مرة ثانية بجمّ كثير، أكثر من المرة الأولى، فكان مجلسه معه كذلك، وكان الكفرسوسي هو السبب في هذين المجلسين، وكان بحضور محمد بن عراق؛ قال شيخنا محيي الدين النعيمي عنه إنه رجل متذوكر، يعتقد مذهب ابن عربي، وإنه يعلم ذلك منه لأمور يطول ذكرها، انتهى.

<<  <   >  >>