وفي يوم الأحد عاشره ورد مرسوم سلطاني، بطلب محبّ الدين الأسلمي، ومن تعصّب عليه في نبش المقبرة، التي هدم ما بناه فيها عند الشيخ رسلان؛ فقبض جماعة منهم؛ نجم الدين ابن الشيخ تقي الدين وشهاب الدين الرملي، وبرهان الدين الصلتي القصير، لأوجل ابن عمّه القاضي برهان الدين الذي هرب، ونور الدين بن القباقبي، أحد خدّام الشيخ رسلان، قيل إنه هو الذي ألجأ محبّ الدين المذكور إلى فعل ما فعله؛ وبات الجميع بالقلعة.
ثم في ثاني يوم، يوم الاثنين، ضمنهم محب الدين، وأطلقوا للتأهب إلى السفر إلى مصر، ثم كتب نائب القلعة يعلم بهروب برهان الدين المذكور، والظاهر أنه إنما هرب إلى مصر خوفاً من الترسيم والخسارة، وأن الباقين واصلون إلى الأبواب الشريفة، استحثهم في ذلك.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره أظهر النائب قصة، فيها أن السيد علي بن ميمون المغربي، الذي أطلق لسانه في الشيخ تقي الدين، كما تقدم ذكره، يشتكي فيها على القاضي الشافعي، بسبب النصرية البرانية، غربي الصالحية، التي تحت نظره، وأنها خراب، وأطلق لسانه فيه أيضاً؛ فركب النائب والقاضي الشافعي، وذهبا إلى الناصرية المذكورة، ثم لحقهم إليها الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، وولده نجم الدين، واجتمعوا كلهم مع جماعة آخرين بالناصرية هذه، وطلبوا السيد الشاكي، فاعتل بحضور الشيخ تقي الدين في المجلس في عدم حضوره، فعلم الشيخ تقي الدين ذلك، فرجع هو وجماعته؛ وأما النائب والقاضي الشافعي فذهبا إلى الشاكي في منزله، وأخذ القاضي الشافعي في تأديبه بالقول وتهديده، وذكره بما وقع منه، ثم تلطف فيها النائب، ورجع الجميع، والله يحسن حال المسلمين.
وفي يوم السبت سادس عشره ورد مرسوم من قاضي بيروت ابن الزهري، على لسان السلطان، بقبض القطبي التاجر، والصلتي القصير، والقباقبي خادم الشيخ رسلان، ومحمد دوادار الشافعي؛ وكان النائب سافر إلى الخربة، على عادة النواب الدمشقية.
وفي يوم الاثنين خامس عشريه دخل من دمشق إلى مصر، قاضي الحنفية بدمشق، الزيني بن يونس، بعد عزل البدري الفرفوري، وصحبته نقيب الأشراف الجديد، حسام الدين ابن السيد إبراهيم؛ وقد مر أن والده هذا توفي بمصر، فسافر ولده هذا، فقرر لمكانه؛ وصحبتهما دوادار سكين أحد الخاصكية؛ وصحبتهم قاضي بيروت ابن الزهري، المعروف بابن الأسلمي؛ وقرئ توقيع ابن يونس، وتاريخه سابع شوال من هذه السنة، وشرع ابن الزهري في عذاب المقبوضون، الذين ورد المرسوم المتقدم فيهم، حتى تراضوا بما يرمى على كل واحد منهم.