للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الاثنين تاسع ذي الحجة، يوم عرفة، سافر من دمشق الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، بولده النجمي، إلى مصر، ليرد عنه لمحب الدين الأسلمي من جهة هدم التربة، جوار الشيخ رسلان، وصحبتهما الشهابي الرملي مطلوباً.

وفي ليلة الأربعاء ثامن عشره رجع النائب إلى دمشق من الخربة، وكان قبل رجوعه بأيام جاءه نذير من جماعة ابن ساعد، يعلمه بأن عرب آل قني بالمكان الفلاني، فركب في الحال إليهم وتلاحقه العسكر، فلحقوا آخرهم بعد رحيلهم، فقتلوا منهم جماعات، وأخذوا منهم جمالاً.

وفي بكرة يوم الخميس سادس عشريه حضر النائب، والقضاة، بتربة النائب قانصوه البرجي، بمحلة الشيخ رسلان، لأجل الكشف على ما أحدثه وتجرأ عليه المحب الأسلمي، وهدمه السيد الكمالي، وقاضي المالكية يومئذٍ بدمشق خير الدين وقاضي الحنابلة يومئذٍ بها نجم الدين، لورود المراسيم بتحرير ذلك، بعد أن اجتمع السيد الكمالي بالسلطان، قبل وصول الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، وولده النجمي، وغيرهما إلى مصر.

فلما تكامل حضور المجلس بالتربة المذكورة، وكان منهم المحيوي النعيمي، فخطر بباله أن أحاديث نبوية ترشد إلى قول الحق، فالتفت إلى النائب، قبل أن يتكلم أحد، وقال: يا مولانا ملك الأمراء، نفع الله بكم الإسلام والمسلمين، وأنت السلطان الحاضر، والحاضر يرى ما لا يرى الغائب، روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يمنعن أحدكم مهابة الناس أن يقوم بالحق إذا علمه "، وعنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: " أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإن اجتمعت فعليكم بالسواد الأعظم "، وقال صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه "، وقال صلى الله عليه وسلم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " قالوا، ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال: " تأخذ على يدي الظالم "، وقال صلى الله عليه وسلم: " قل الحق ولو كان مراً ".

فالتفت النائب إلى القاضي الشافعي وتساراً ثم افتتح الكلام فيما جاؤوا لأجله، وقرئت المراسيم، وفيها أن المطالعات اختلفت علينا، يعني السلطان، بسبب ما هدم؛ ثم أخذوا في الكلام في ذلك، وطال وتجرأ المحب الأسلمي المذكور، بقلة الأدب، مع المالكي في ذلك، وطال، وتجرأ المحب الأسلمي المذكور، بقلة الأدب، مع المالكي خير الدين، إلى أن قال له النائب: اسكت أنت حتى أتكلم عنك؛ فظهر التعصب منه ومن القاضي الشافعي.

ثم قام الجميع للكشف، وصحبتهم المعمارية كابن العطار، والمهندسون الذين جاؤوا من مصر بسبب ذلك، فزاد المتجرئ المحب المذكور في قلة الأدب، وقوله: وا ديناه وا إسلاماه، هدموا مالي؛ ثم رجع الجميع إلى مكانهم بالتربة، وشهد المعمارية ومن معهم من المهندسين والحفارين زورا.

<<  <   >  >>