ثم أتى القاضي الشافعي، فأخبر بما وقع، فغضب من ذلك، وصعب عليه، ثم بلغ كاتب السرّ المحبّ الأسلمي، وهو في همّة السفر والركوب، فصعب عليه، وأرسل يعلم النائب بذلك، والذي ظهر أن سبب فعل الحنبلي ذلك، أنه بعد أن كتب خطّه في المحضر المذكور، ندم على الكتابة، فأرسل النائب خلفه وأخذه منه، وسمع من قاضي بيروت بحضرة النائب كلاماً فيه غلظة.
وفي هذه الأيام شرع الخاصكي في استخلاص بقيّة المال، الذي كان رمي بسبب الخارجي الصوفي. - وفي يوم الثلاثاء خامس عشره، وهو سادس عشر أيار، أبيع المشمش الحموي الرطل بدرهم، وهذه قاعدة أن هذا المشمش يسقط في سادس عشر أيار.
وفي يوم الخميس سابع عشره ورد من صفد إلى الصالحية دمشق المتصوّف ابن حبيب، الذي اشتهر عنه اعتقاد عقيدة ابن عربي، ثم أتى إلى تربة ابن عربي وصحبته جماعة من معتقدي ذلك، وتلقّاه خلق من الرعاع وتبرّكوا به، فزار قبر ابن عربي وصرّح بالإنكار على من ينكر عليه، وذكر كلمات لا يليق ذكرها.
ثم في يوم الجمعة دخل إلى الجامع الأموي من باب البريد، وتلقاه الجم الغفير، وهو لابس على رأسه مئزراً أخضر، وصلى الجمعة تحت قبة النسر، ولم يسنن لها، ثم قام ورجع من حيث أتى؛ قال الحيوي النعيمي: ولم أر عليه نور أهل السنة، وكنت، حال دخوله ورؤيتي له، أقرأ في مجموع بخط شيخنا شيخ الإسلام شهاب الدين بن قرا، في حديث عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة:" يا عائشة، إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء، ليس بهم توبة، وأنا منهم بريء وهم مني براء "؛ أخرجه الطبراني من حديث عمر.
وإنما تقدماه إلى دمشق، بعد السفر إليه، ورجوعه، عبد النبي المغربي لخلق دمشق عن الأشعري تقي الدين بن قاضي عجلون، والأشعري كمال الدين بن السيد حمزة، لاختلافهما واختلاف علماء دمشق، وقضاتها، بسبب اختلافهما، في أمر الجدار جوار الشيخ رسلان، وسفر غالب الفريقين إلى مصر، فلذلك طمع المبتدعون، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الخميس رابع عشريه ذهب النائب إلى زيارته، في البيت الذي أنزله فيه عبد النبي جوار بيت القاري، ثم هاجت دمشق، وصار الناس في أمره ثلاث فرق: فرقة عليه، وهم اهل السنة الذين أراد الله بهم خيراً: وفرقة معه وأكثروا الكذب لإقامة شعاره وتبجيله؛ وفرقة تقول هو موله، ليس له عقل.