وفي هذه الأيام وقع القاضي الحنفي، المحيوي بن يونس، بالقاضي شهاب الدين الرملي، بكلمات عجيبة، بحضرة مستخلفة القاضي الشافعي الولوي بن الفرفور، لكونه كان أرسل كتاباً إلى كاتب السر ابن أجا بمصر للشكوى عليه، فلفه ابن أجا، وكتب للحنفي كتاباً، ووضع ذلك داخل هذا، وأرسلهما إليه، وانتصر له التقوي ابن قاضي زرع، فوقع به بكلمات أدبه بها، وفي يوم الثلاثاء سابع عشريه نزل الحرامية على امرأة ذي مال، داخل الباب الصغير، فاستغاثت، فقتلوها وأخذوا مالها.
وفي هذا الشهر اتفق عجبان: الأول دخول اليهودي معلّم دار الضرب بدمشق، بخلعة، راكباً وحوله جماعات من المسلمين والمنافقين؛ الثاني أن ابن رجل يعرف بابن سليمان بمحلة قناة البريدي، شكا على أبيه من عند جماعة النائب وكذب عليه بأنه وجد في عمارة صطلين ذهب، فوضعوه ليضربوه بحضرة ولده بالعصا، فلم يرض بالعصا بل بالمقارع، وقال: إذا فرغتم منه هاتوا أمي واضربوها بالمقارع؛ والحال أن أبويه زوّجاه بمال كثير بعد تعبهما عليه، وإنشائه في كنفهما.
واستهلّ ذو الحجة بالسبت كما قال المؤقّتون، وهو أول آذار، وأهل الصالحية والمزّة في مشقّة من قلّة الماء، لكون المشدّ أخذ جامكيته وقدرها على العادة خمسون ديناراً، ثم أخذ المال المرصد لتعزيل الأنهار جميعه، وذهب مع النائب، فتوقّف الرؤساء في التعزيل لقلّة المصروف، وأخذوا يظلمون الناس.
وفي هذه الأيام سقط ابن العقرباني القبيباتي في نهر القنوات، مات. - وفيها كبس جماعة شباب بالصالحية على معصية، ومنهم البدر بن المعتمد. - وفيها وقع القاضي الشافعي بالمحيوي بن شعبان الغزّي، حمية لعلاء الدين الرملي.
وفي الجمعة سابعه ورد مرسوم إلى نقيب القلعة، يومئذ صنطباي، بالقبض على القاضي الحنفي المحيوي بن يونس، على مبلغ سبعة آلاف دينار، قيل وخمسمائة، فأرسل إليه قبيل الصلاة إلى القلعة، ولم يعلمه، فعلم هو بالحال، فأمر جماعته بأخذ آلة الحبس بجامع القلعة، ثم ذهب ودخل القلعة، فقريء عليه المرسوم، ثم أدخل الجامع وجاءته الناس يسلّونه وهو في وجل كبير.
وفي يوم الأحد عرفه تاسعه، وصل راجعاً إلى دمشق، قاصد القاضي الشافعي، وهو نور الدين القنينة، وصحبته مراسيم شريفة، وخلعة لأستاذه، ونزل بالبيت الذي كان جدّده