عند القاضي الشافعي بالبينة أن أول شعبان الجمعة، فيكون أول رمضان الأحد لا الاثنين كما كان اعتقاد الناس؛ وهذا الذي ثبت موافق لقاعدة: أن رابع رجب يكون أول الصيام، وقد كان اللحم الرطل بخمسة ونصف، فبعد دخول رمضان نودي عليه بخمسة، فزاد قلة، ومثله الدبس والأرز.
وفي هذه الأيام توفي أطفال كثيرة، لا يكادون يضبطون، وفيها جاءت امرأة وطالبت عبد الوهاب الأعرج، أخانا، برد حقها، فسفه عليها، فذهبت وأتت ببدوي من عرب اليسار، فتماساكا، ثم هرب، فبلغ النائب، فرمى على أهل المحلة مبلغ مائة وخمسين أشرفياً، وحضر أستاداره، وجماعة من عرب اليسار، وشرعوا في استخلاص ذلك، وثاني يوم حضر عبد الوهاب فلم يكلموه.
وفي يوم الاثنين سادس عشر رمضان منها، أتى من الهيجانة إلى دمشق ونواحيها، أحمال جمال كثيرة من الملح، بعضه كالبلاط، وهو حلو، وبعضه ناعم، ظاهر المرارة، من عين قدرها نحو فدان من الأرض، كانت من زمن تمرلنك وبطلت وانقطع ماؤها، وفي هذه الأيام ظهرت، وأتى جلب اللبن الحمصي إلى دمشق أيضاً، عدة أحمال، وبيع قنطاره بنحو الستمائة، ورطله بخمسة ونصف، وهو دليل على كثرة الخصب في هذه السنة.
وفي بكرة يوم الاثنين ثامن شوال منها، جاءت إلى النائب خلعة على يدي مملوكه ودواداره الثاني، تمرباي، الذي سافر لأمير قراجا، الذي شفع النائب فيه، وقبل السلطان شفاعته، فلبس النائب الخلعة في هذا اليوم، ودخل بها إلى دمشق على العادة، بالقضاة، خلا القاضي الحنبلي لأنه متوعك.
وفي يوم الجمعة ثاني عشره قبض على شهاب الدين بن المؤيد، الذي اشتهر بدلال أوقاف المدارس، فكم من وقف أبطله، بعدما ورد من السلطان المنع لجميع الأوقاف، بمرسوم شريف. وفيه قبض على رفيقه نجم الدين بن الزهيري الحنفي، فهرب، ثم ضمن القاضي الشافعي للأول وأطلقه. وفي يوم السبت العشرين منه خرج الوفد إلى الحجاز، وأميرهم الحاجب الكبير صنطباي.
وفي يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة منها، رجع سوقة المزيريب وأخبروا بالرخص. وفي يوم الخميس سادس عشره أمر النائب بإشهار التقى بصيام ثلاثة أيام، والتوبة والخروج إلى الصحراء، وزيارة المزارات، ليتقطع الوباء، فقال القاضي الشافعي: قد كثر الظلم فلو أبطلتموه