بالخنادق والمكاحل والسد؛ فأخذ نائب حلب خير بك لملك الروم من موضع نفذ منه في أفقية الجراكسية ففروا.
وفي يوم السبت سابعه قرئت هذه المراسيم، ودارت مبشرو الأروام على بيوت الأكابر والحارات، بالطبول والنايات، وأطلقوا نفطاً كثيراً في قلعة دمشق، ولطخوا غالب أهل البلد بالزعفران، والأشراف منهم وضعوا لهم رنوكاً صفراً ونادوا بالزينة، فزينت البلد، واطمأنت الناس، ولكن الأروام غالبهم اغتم بسبب قتل جماعة من أعيانهم، منهم سنان باشا الوزي الأعظم، واستمرت الزينة سبعة أيام.
وقد عرب موقع دوادار السلطان، شمس الدين الحلبي، المرسوم الذي جاء للنائب، والقاضي بالبلد، بقوله:" قدوة الأمراء الكرام، وعمدة الكبراء الفخام، ذو القدر والاحترام، كافل مدينة الشام، دام عزه، وأقضى قضاة المسلمين، أولى ولاة الموحدين، معدن الفضل واليقين، حجة الحق على الخلق أجمعين، مولانا قاضي القضاة بالشام المحروس، أبدت فضائله مرسومنا هذا، يوضح لعلمهما الكريم، أننا توكلنا على الله سبحانه، وتوسلنا بسيد الكائنات، محمد صلى الله عليه وسلم ".
" وتوجهنا بعساكرنا وصناجقنا وأعلامنا وجيوشنا وخيولنا السابقات الصافنات، وقسينا الصائبات، ورجالنا المرصدين لصيد اعدائنا، مع هداية الله تعالى، من الشام مع السعد والظفر إلى جهة مصر، فوجدنا طومان باي، الذي تولى سلطنة مصر، وأقام جان بردي الغزالي كافلاً للشام، وجهزه إلى غزة، وصحبته فرقة من العساكر المصرية ".
" وكان قد تقدمنا قدوة الوزراء العظام، وعمدة الكبراء الفخام، الغازي في سبيل الله، المجاهد لوجه الله، الوزير الأعظم سنان باشا، إلى جهة غزة، فوقع بهم، والتحم بينه وبينهم القتال العظيم، فبعون الله تعالى وسعادتنا الشريفة، حصل له النصر والظفر، وقتل منهم من قتل، وأسر منهم من أسر، ومن سلم من سيفه فر منهزماً صحبة الغزالي المذكور إلى مدينة مصر ".
" ثم إن ركابنا الشريف جد في السير، في السعد والإقبال، بعساكرنا وجنودنا، واجتمع بنا سنان باشا المشار إليه، وصرنا نرحل من مرحلة إلى مرحلة مثل السهام ".