واجتمعت بهم عند الجامع الجديد، ودخلت معهم إليه، وذكرت لهم أنه عامر، فكتبوه في الأوقاف العامرة، ثم ذهبوا وتركتهم.
وفي يوم الثلاثاء ثامنه، وهو يوم التروية، ثبت عند القاضي زين العابدين الرومي، أنه يوم عرفة، بشهادة خمسة أنفس على رؤية هلال ذي الحجة، ولم يكن بالسماء غيم، فأنكرت عليه إثبات هذا الشهر بهذا القدر، فإن مذهبه مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في ذلك، أنه لا بد من شهادة جمع، واختلفوا في عدتهم، فأقل ما قيل فيهم إنهم ثلاثون، كما نقله الفخر الزيلعي.
ثم صعد الملك المظفر سليم خان بن عثمان إلى الصالحية، ورأى ما بني من الجامع الذي امر ... وفرق ثمة خمسين ألفاً عثمانياً - وفي يوم الأربعاء ... وأرسل الخنكار إلى ... وأشعلت لأجله الثريات، والسنوبرة تحت قبة النسر، والسراج بباب الجامع الشمالي، ثم فرق ثمة مائة وخمسين رأساً من الغنم، وعشرين جملاً مذبوحين، ورأت الناس حينئذٍ عموداً من نور على المئذنة الشرقية بالجامع المذكور، فقال بعضهم: هذا ملك، وقال بعضهم: هذا استخدام مع الخنكار، وشاع ذلك عند الوزراء والباشاوت وأرباب الدولة، ثم تحرر أنه دخان بعض الحمامات القريبة منها، عقد عليه السحاب وضربته الشمس فظنوه نوراً، والله أعلم.
وكانت الأضحية في هذا العيد قليلة، من الغنم والمعز والبقر، ولم توجد من الجمال، والناس في شدة من غلاء الأسعار، ونزول الأروام عليهم. وفي هذا اليوم توفي الرجل الصالح، مؤدب الأطفال بمسجد كاووز، بميدان الحصى، عبد العظيم بن إبراهيم العطار ثم الكيال، والمبارك أبو عبد الله الأخفافي أخو المرحوم برهان الدين القيراطي.
وفي يوم الخميس حادي عشره ذهبت إلى عند شيخنا علي أحمد، مدرس ديار بكر، الحنفي، وهو نازل عند قاضي زاده تلميذه، ببيت ابن المزلق، فعيدته، وقال لي: إن رأيت أن أركب معك إلى قاضي العسكر الكبير، ليقررك فيما تختار من تداريس مدارس الحنفية وأنظارها، ولو كان عمك القاضي جمال الدين بن طولون، مفتي دار العدل الحنفي، هنا لذهبت معه إلى الخنكار، ليعينه في قضاء دمشق، عوضاً عن قاضي البلد زين العابدين، فإنه