وأخبروا بأن القاضي المذكور ركب من قرية جبع المذكورة من يوم السبت المتقدم ذكره، وتوجه إلى بيروت فمر عليها من خارج، ثم توجه إلى نهر الكلب، فلما وصل رد المشاة المذكورين إلى أهليهم، وتوجه إلى طرابلس قاصداً الدفتردار إن لحقه توجه معه إلى الروم، وإلا تلاحق به.
فلما علم نائب صيدا ذلك مسك المشاة المذكورين، ثم استحكاهم، فلم ير لهم ذنبا، فأطلقهم إلى أهليهم فذهبوا، قيل وفقد منهم ثلاثة أنفس، وكان جملة هذه المشاة فلاحو قرية دمر خلف جبل قاسيون، فوصلوا إلى بلدهم يوم الخميس المذكور وأخبروا بذلك.
وأما ما كان من امر ابن عم قاضي البلد البدري، فإنه تضاعف في صيدا، وأما ما كان من أمر الجلال ابن البصروي، والسيد الصلتي القصير، فإن نائب صيدا أرسل معهما مشاة مرسمين عليهما، ووجهما إلى أستاذه النائب، وهو الآن على ما قيل نازل على العرجاء بالقرب من الرملة، وذهب مع قاضي البلد إلى الروم نائبه العلاي بن حمص، والشيخ معروف الحشري.
ولم يعلم السبب في ذهابهم إلى الروم تحقيقاً، وفي غالب ظن الناس العقلاء أنه خوفاً من النائب على روحه، فضلاً عن ماله وجماعته، وكان له نحو السنة يتأهب لذلك، من اشتراء هدايا تناسب بلاد الروم وإيجار جهاته مدة سنتين فأكثر، وتخييط قماش لنفسه ولجماعته، يناسب لبس الأروام، وغير ذلك، وهو متستر في ذلك، وعند بعضهم أن السبب في ذهابهم، أن النائب كان كتب للخنكار، أن قاضي الحنابلة الشرفي بن مفلح، دفع في القضاة عشرة آلاف دينار، وأوعد النائب على تمام هذه الكتابة بألفي دينار.
وفي هذه الأيام جاء الجواب مع دوادار النائب الثاني، التيوس، إلى النائب، في أمر القاضي، وأنه من أراد أن يوليه فليوله، ويحاسب قاضي البلد، فهرب خوفاً من ذلك، وقيل إن السبب في ذلك أن القاضي الهارب كان كتب مطالعة للخنكار بالشكاية عليه، فمسك بعض جماعة النائب القاصد الذي معه هذه المطالعة، وأخذها منه وقتله، وجهزها للنائب، فعلم القاضي المذكور، فهرب خوفاً من ذلك.
وفي يوم الجمعة سابعه توقف قاضي الحنفية كان، المحيوي بن يونس، في العرض عن قاضي البلد الهارب، وامتنع نوابه من الحكم، خلا ابن جبران، فإنه لتجاهيه بالنائب لم يمتنع، وأرسل المحيوي المذكور إلى النائب يعلمه بذلك ويستأذنه في العرض من قبله.
وفي يوم السبت ثامنه وصل إلى دمشق من الروم، نائب دمياط الرومي، قاصداً بلده،