القاصد المذكور، قائمة فيها أسماء جهات القاضي الشافعي الولوي بن الفرفور، قاضي حلب الآن، ملكاً ووقفاً، فقرئت على القضاة والنائب، فنازع قاضي البلد في بعض جهات من الوقف، فقال له القاصد: يدنا إلى أن تبيّن طريقاً شرعياً في خروجها؛ ثم رسم النائب له بتسلّم الجهات المذكورة، خلا ما في يده، وهو الشامية البرانية، وجامع تنكز والناصريّتين، والشركية، فإنها استمرّت، قال ليعمرها.
وفي يوم الأربعاء عاشره وصل من الروم إلى دمشق محيي الدين بن علاء الدين، متكلّماً على العمارة الخنكارية بسفح قاسيون، على عادته القديمة، عوضاًَ عن المقتول بقرية بوارش من البقاع، العلامة أبي الفتح المكي، وانفصل الذي كان متكلّماً عليها الآن بطريق النيابة، الأمير غضنفر، وكيل الخنكار بدمشق، وكان لا بأس به.
ثم إن التقيّ باكير نزل من المصطبة السلطانية إلى الجامع الأموي، وسلّمت عليه به، ومعه المتكلم على الجامع المذكور؛ ثم إنه اجتمع بالنائب وقدّم له مرسوماً بالتكلّم على العمارة والجامع المذكورين، وظهر منه أنه لا يسلّم له الجامع، ثم عاد إلى المصطبة واستمرّ بها ستة أيام، هو وحريمه لعدم تيسّر بيت له بدمشق، ثم انتقل إلى الصالحية، ونزل ببيت الشمس بن البانياسي، تجاه حرم الحاجبية.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره صلّي غائبة بالجامع الأموي على العلامة شهاب الدين بن أحمد بن أغمش الحموي الشافعي، توفي بحماة. وفي ليلة الاثنين خامس عشره، وهي ليلة النصف من شعبان، أوقدت قناديل العمارة الخنكارية، والجامع الأموي، جميعها، كما جرت به العادة في هذه الدولة الرومية، ولكن لم توقد مآذنهما إلا في هذه الليلة.
وفي هذا اليوم أشيع أنه ظهر بجسر الحديد رجل يدعى علي الخولي، وقيل إنه من ذرية الولي بالشرقية سيدي منصور، وهو عامي يعمل آلات الخيل ونحوها وادّعى أن جدّه جاء إليه في المنام المرّة بعد الأخرى، وأمره بإظهار نفسه ونفع الناس، ثم قال في المرّة الأخيرة: إن لم تفعل بعد هذه المرّة قتلتك، فأصبح يدّعي أنه يقيم المقعد، ويقوّم الأكتع ونحو ذلك، فهرعت الغوغاء عليه واعتقدوا فيه، وغالوا في أمره، وخصوصاً لما أرسل النائب خلفه، وأظهر الاعتقاد فيه بواسطة أمير الشرقية ابن بقر، المقيم بدمشق الآن، وفيه عادة حسنة وهو أنه لا يأخذ من أحد شيئاً ولو كان قليلاً، ثم اختفى أمره.
وفي يوم الاثنين تاسع عشريه أدير المحمل دورة البلد، بجمال مكوّرة وخيول ملبّسة،