وقدّامه القاضي ابن جبران ابن المالكي، وقد ولي قضاء الركب، وفي آخر هذ اليوم ثبت على البرهاني بن الإخنائي أن أول شعبان كان الأحد، وأن عدته كملت، فتروح الناس ليلة الثلاثاء وأصبحوا صياماً.
وفي يوم الخميس ثالث رمضان منها، وصل إلى جامع بني أمية أحمال حصر مصرية، عدة اثنين وعشرين حملاً، أهداها له الأمير جانم الحمزاوي، دوادار نائب مصر خير بك، وقيل إن النائب بدمشق كلمه فيها لما توجه إلى الروم، وقيل إن مغرومها سبعمائة دينار، وتكلف عليها ثلاثمائة دينار أخرى حموله.
وفي يوم الجمعة رابعه فرشت هذه الحصر بالجامع وأزيلت العتق البردية، وكانت قد امتلأت بقاً، وفرقت على الجوامع والمساجد، وكفت هذه الحصر الجدد لجميع الجامع، حرمه ولواوينه، وكثر الدعاء للأمير جانم.
وقد قرب تكمله زخرفة الجامع كله من تتميم الطراز بدواوينه، والإعادة على الطرز داخله، وقد كان أرضيته بنفسجي فعملت أسود، وتتبع جميع الرخام داخلاً وخارجاً فأصلح ما تخرب منه، وذهب ودهن ما يجتاج إلى ذلك، حتى الدركاتين بباب البريد وباب جيرون، والعضائد الأربع تحت قبة النسر، وجليت أبواب الجوامع قشطاً، فصارت كالذهب، وكذالك رأس الشعلتين وسط الصحن.
ودهنت جميع العواميد داخله، واحد أخضر وواحد أحمر عميق، وقد كانت بيضاء من صخر، وكتب رأسها ببياض على سواد، وكانت مكتوبة بذهب على لازورد كم أيام قاضي القضاة نجم الدين بن حجي، ولما فعل ذلك أنكر ذلك عليه، واستفتى عليه، كما ذكر ذلك أخوه المؤرخ شهاب الدبن بن حجي في تاريخه.
وجلوا نحت الكباش على رؤوس هذه العواميد بالقصدير، وكانت بياضاً عل أصل خلقتها، وكذلك فعل بعواميد الدركاتين، وليتهم لم يدهنو اأبدانها فإنها زردوريات، فاندمجوا بالدهان، وأما عواميد الصحن كله فلم يتعرضوا لها، وكذلك دهنوا درابزين مئذنة العروس التحتاني، والفوقاني، وكلس رأسها.
وكذلك دهنوا النقسيه تحتها، وكذلك تتبعوا رخام مشهد علي، المشهور الآن بمشهد النائب، وطرزه، وجددوا ما يذهب به، وكذلك الشباك الكمالي به، وطليت أعمدته بالفضة، وقيل إنه غرم على هذه الزخرفة ثمانون ألفاً من مال الجامع بإشارة النائب.