وفي هذا اليوم تعصب جماعة على شيخنا المحب أبي الفضل بن الإمام، شيخ مدرسة الخواجا شمس الدين بن النحاس، ويعرف أيضاً بابن الجابي الصفدي، وشاع في الناس يومئذٍ أن القاضي فخر الدين عثمان الحموي، ثم الدمشقي، نائب قاضي القضاة المزلقي الشافعي، نادى عليه بالمنع من الإفتاء والتدريس والوعظ بإذن القاضي المزلقي في ذلك، فصاح أبو الفضل المشار إليه في مكانه، داخل مقصورة الجامع الأموي، وأسمع قاضي القضاة المزلقي وهو في مجلس صلاته على باب الخطابة، أن منعه تعصب عليه.
فلما سمع المزلقي ذلك أنكر على فخر الدين نائبه، وطلبه من بيته قرب الجرن الأسود، فحضر ومعه أخو صهره، كان، قاضي القضاة محب الدين بن القصيف، ودخلا بيت الخطابة، وحصل منهما كلام لا طائل تحته، وإنما موجبه أن أبا الفضل سعى في إنقاذ رجل من ديوانه من تهمة وقع فيها بكلام صبي صغير، سب لفخر الدين المذكور ثم وشى بينهما واش بالنميمة، أوغر صدور كل من أبي الفضل وقاضي القضاة محب الدين بن القصيف وأخيه وفخر الدين المذكور ومن يلوذ بهم.
فلما كان بعد صلاة العصر طلب المزلقي كلا من فخر الدين وأبي الفضل إلى بيت الخطابة، فامتنع أبو الفضل من الحضور، وكان غفلة منه، وإذا لو حضر لا نتصر وظهر الكذب من الوشاة بينهم، فخرج قاضي القضاة المزلقي من بيت الخطابة وذهب معه جماعة، منهم فخر الدين المذكور، فعرش بعض الناس على المزلقي وعلى فخر الدين في حال مرورهم على محراب الحنفية إلى أن خرجوا من باب الزيادة، فندم أبو الفضل وأمر بكتب ورقة ليذهب بها إلى بيت المزلقي يذكر فيها أموراً، وطال الكلام في ذلك، فاجمتع شيخنا المحيوي النعيمي بقاضي القضاة محب الدين بن القصيف، فذكر له أن فلاناً وشاة الواشي، إن ثم لهم وعليهم ولأبي الفضل وعليه.
وفي يوم الخميس خامس عشرينه وصل الخبر إلى دمشق على يد مملوك الخواجا ابن الحزمي بأن قاضي القضاة الشهابي بن الفرفور أعيد إلى قضاء الشافعية، وعزل قاضي القضاة الشمس المزلقي، وأن بهاء الدين بن جمال الدين بن الباعوني واصل بذلك إلى دمشق.
وفي يوم الجمعة سادس عشرينه حضر الشمس المزلقي إلى الجامع، وصلى على عادته، ودخل بيت الخطابة بعد أن خطب عنه سراج الدين بن الصيرفي، وذكر في خطبته فضل