وفي صبحة هذا اليوم، بعد الفجر، سافر الأمير قانصوه خمسمائة من دمشق إلى مصر، وقد مكث بدمشق ثلاثة أيام، ودخل تمراز المذكور، ثم أزبك الخزندار، وسافروا واحداً بعد واحد، بعد وقوع ثلج بدمشق وشدة برد، وشدة ظلم من الجلبان، وفارقوا الباش الأتابك أزبك الظاهري في قارا، ثم دخل دمشق يوم الاثنين رابع عشريه وصلى الجمعة بالأموي، دخل من باب البريد إلى الصحن، ثم إلى محرب الصحابة من باب جب الهريشة، وصلى الجمعة ثم خرج منه إلى الصحن، وخرج من باب النفطيين والطبرادارية، ودعا له الجم الغفير من الناس، وفرق عليهم الدراهم عند الجقمقية، ثم سافر بكرة يوم السبت تاسع عشريه ولم يتخلف بعده من الأمراء أحد، وكان يوماً حافلاً، خرج النائب وأولاده قدامه.
وفي هذه الأيام ورد مرسوم شريف بالقبض على الشريف محمد الذي استسلمه الشافعي، فحبس بالقلعة، فلما وصل الأمير الأتابك أزبك ضمنه جماعة، وأخرج ليذهب معه إلى مصر فهرب، ثم في ليلة السبت خامس ربيع الأول الآتي أعيد إلى القلعة بعد أن قبض عليه.
وفي يوم الأحد سلخ صفر نادى النائب في دمشق بالاحتراس على الدواب والأولاد والنساء، من المماليك المنقطعة خلف الباش في طريق البلاد الحلبية، مشاة وعراة. وفي هذه الأيام وصل دوادار السلطان الكبير آقبردي إلى بلاد الغور، وخرج إليه من دمشق هدايا أرباب الدولة.
وفي يوم الاثنين خامس عشر ربيع الأول منها، لبس نائب القلعة الأيدكي خلعة بمرسوم من السلطان، وركب معه أرباب المناصب بدمشق، وكان موكباً حافلاً. وفي يوم الخميس خامس عشريه جاءت زيادة على نهر بردى حتى دخل الماء إلى سوق الخلعيين وقيسارية الفواخرة وخان الظاهر، وبقي تحت القلعة بحرة واحدة. وفي يوم الجمعة سادس عشريه أمر النائب بإحراق كل شيء بني تحت القلعة، وأن لا يبقى شيء ما يمنع الركب.
فيه تولي شمس الدين الكفر سوسي نصف تدريس ونظر المجاهدية بالخواصين، واستنزل عن ذلك أخي المتوفى زين الدين عمر بن الكازروني البعلبكي المعروف بالطرابلسي،