وفي يوم الأحد حادي عشرينه دخل إلى دمشق الأمير ملغباي الأعور الأشرفي، بطلب واحد، ولاقاه النائب على العادة، وهو أحد الألوف.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرينه دخل إلى دمشق أيضاً عدة أمراء، الأول دوادار السلطان الثاني شاد بك فرج الملكي الأشرفي، والثاني أزدمر المسرطن الظاهري أحد الألوف، والثالث تاني بك قرا الأينالي حاجب الحجاب، والرابع أزبك من خازندار الظاهري رأس نوبة النوب، والخامس تمراز الظاهري ابن أخت السلطان أمير سلاح، والسادس قيت الملكي الأشرفي الوالي بمصر، السابع باش العساكر المنصورة وأتابكها أمير كبير أزبك، ونزل الجميع بمصطة السلطان، وكان يوماً حافلاً، ونزل الجميع بمصطبة السلطان ولاقاهم النائب ومن تقدمهم من أمراء المصريين، خلا يشبك الجمالي فإنه سافر إلى حلب.
وفيه نودي أن النائب يرحل إلى المهم الشريف من الغد. ودخل قاصد يقال إنه من عند ابن عثمان بالصلح كما تقدم. وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه دخل إلى دمشق نائب غزة آقباي، ومعه خلق كثير، ونزل في الميدان الأخضر؛ وفي حال دخوله كان النائب قد اصطف جيشه ملبسين على باب دار السعادة إلى جسر الزلابية، ثم خرج النائب بأولاده وقد ألبسهم لبساً كاملاً عليهم وعلى خيولهم، وكبقية عسكره، وخرج قدامه طلباً أركماس دوادار السلطان، وتنم الحاجب الثاني، وعدتهم أربعون ملبساً، اثنان وعشرون للأول، وثمانية عشر للثاني، وبين يديه المشاة بالعدة الكاملة، وكان يوماً حافلاً.
وقيل أن الباش اللمصري أزبك أرجع دواداره الثاني إلى دمشق من المصطبة، بأن يتجهز للرسالة إلى السلطان يعلمه بقضية الصلح حسبما جاء القاصد على لسانه، وفرجع إلى الميدان يتجهز لذلك، ثم سافر إلى مصر. - وفي هذه الأيام حصل في دمشق ونواحيها من المفاسد والظلم ما لا يحصى كثرة، منها رعت أغنامهم وخيولهم بساتين الناس وزروعهم، ومنها فكت عمائرهم وخلعت أبوابهم لأجل الحطب، ومنها سرقة ما يجدون، وقد اجتمع بها من الغرباء من حلب وحماة ومصر وغيرها خلق كثير، وتحسن سعر القمح لقلة الظهور خوفاً منها، ووقف حال خلق من الناس، ولكن باع عليهم التجار وغيرهم.
وفي يوم الجمعة سادس عشريه نزل الباش من مصطبة السلطان وصلى شرقي مصحف عثمان بالجامع، وصلى عن يمينه الشيخ علي الدقاق، وخطب القاضي الشافعي بنفسه كالجمعة قبلها. ثم بعد الصلاة قرأ بين يديه بعض قراء المصريين، ثم دعوا، ثم خرج من الجامع، وذهب إلى وليمة الشيخ علي المذكور.