قالت عائشة رضي الله عنها: كل البلاد افتتحت بالسيف وافتتحت المدينة بالقرآن.
قالت: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه في كل موسم على قبائل العرب ويقول: ((ألا رجلٌ يحملني إلى قومه؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي)) ، فيأبونه ويقولون: قوم الرجل أعلم به.
حتى لقي في بعض السنين عند العقبة نفراً من الأوس والخزرج قدموا في المنافرة التي كانت بينهم.
فقال لهم:((من أنتم؟)) قالوا: نفرٌ من الأوس والخزرج! قال: ((من موالي اليهود؟)) قالوا: نعم، قال:((أفلا تجلسون أكلمكم؟)) ، قالوا: بلى، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن. وكانوا أهل شرك وأوثان، وكان إذا كان بينهم وبين اليهود الذين معهم بالمدينة شيء، قالت اليهود لهم -وكانوا أصحاب كتاب-: إن نبياً يبعث الآن قد أظل زمانه، فنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم.
فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون والله أنه للنبي الذي توعدكم به اليهود، فلا تسبقنكم إليه فاغتنموه وآمنوا به، فأجابوه فيما دعاهم إليه وصدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام.
وقالوا: إنا قد تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ونعرض