على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد، فلما ولي عثمان رضي الله عنه فعل كذلك ست سنين، ثم علا فجلس موضع النبي صلى الله عليه وسلم وكسى المنبر قبطية، فلما حج معاوية رضي الله عنه كساه قبطية وزاد فيه ست درجات، ثم كتب إلى مروان بن الحكم، وهو عامله على المدينة أن ارفع المنبر على الأرض، فدعا له النجارين وعمل هذه الدرجات ورفعوه عليها وصار المنبر تسع درجات بالمجلس، لم يزد فيه أحد قبله ولا بعده.
قال: ولما قدم المهدي المدينة سنة إحدى وستين ومائة قال لمالك بن أنس رضي الله عنه: إني أريد أن أعيد منبر النبي صلى الله عليه وسلم على حاله! فقال له مالك: إنما هو من طرفاء وقد سمر إلى هذه العيدان وشد، فمتى نزعته خفت أن يتهافت ويهلك، فلا أرى أن تغيره.
قلت: وطول منبر النبي صلى الله عليه وسلم ذراعان وشبر وثلاث أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره وهو مستند النبي صلى الله عليه وسلم ذراع، وطول رمانتي المنبر اللتين يمسكهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يخطب شبر واصبعان، وطول المنبر اليوم ثلاثة أذرع وشبر وثلاث أصابع، والدكة التي هو عليها طول شبر وعقدة، ومن رأسه إلى عتبته خمسة أذرع وشبر.
وقد زيد فيه اليوم عتبتان وجعل له باب يفتح يوم الجمعة، ولم يزل الخلفاء إلى يومنا هذا يرسلون في كل سنة ثوباً من الحرير الأسود وله علم ذهب يكسى به المنبر، ولما كثرت الكسوة عندهم أخذوها فجعلوها ستوراً على أبواب الحرم.
[ذكر الروضة]
أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المهتدي، (ح) وأخبرنا أبو القاسم الهمذاني، أخبرنا أبو العز بن كادش، قالا: أخبرنا محمد ابن علي بن الفتح الحربي، قال: أخبرنا أبو الحفص بن شاهين، حدثنا علي ابن محمد العسكري حدثنا دارم بن قبيصة، حدثني نعيم بن سالم بن قنبر، قال: سمعت أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) ، أخرجه البخاري