[الباب العاشر في ذكر حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة]
كان نفر من بني النضير الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد خرجوا فقدموا مكة على قريش، فدعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فسرهم ذلك واتعدوا له وتجمعوا، ثم جاءوا غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم معهم وأن قريشاً قد تابعوهم على ذلك، وخرجت قريش وغطفان بمن جمعوا معهم.
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله والمسلمون معه ودأبوا فيه.
روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا: مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمداً ... على الجهاد ما بقينا أبداً
وروى أيضاً من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه ويقول:
والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا