ويقوم الليل، وكان لا يخرج من المسجد، فهدمه وأمر بالقصة المنخولة، وكان عمله في أول ربيع الأول سنة تسع وعشرين، وفرغ منه حين دخلت السنة لهلال المحرم سنة ثلاثين. فكان عمله عشرة أشهر.
وزاد من القبلة إلى موضع الجدار اليوم، وزاد فيه من المغرب أسطواناً بعد المربعة، وزاد فيه من الشام خمسين ذراعاً، ولم يزد فيه من الشرق شيئاً.
وبناه بالحجارة المنقوشة والقصة وخشب النخل والجريد، وبيضه بالقصة. وقدر زيد بن ثابت أساطينه فجعلها على قدر النخل، وجعل فيه طاقات مما يلي المشرق والمغرب، وبنى المقصورة بلبن وجعل فيها كوة ينظر الناس منها إلى الإمام وكان يصلي فيها خوفاً من الذي أصاب عمر رضي الله عنه وكانت صغيرة، وجعل أعمدة المسجد حجارة منقوشة فيها أعمدة الحديد وفيها الرصاص، وسقفه بالساج فجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه على ما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: باب عاتكة، والباب الذي يليه، وباب مروان، والباب الذي يقال له: باب النبي صلى الله عليه وسلم، وبابين في مؤخره.
وقال عبد الرحمن بن سفينة: رأيت القصة تحمل إلى عثمان رضي الله عنه وهو يبني المسجد من بطن نخل، ورأيته يقوم على رجليه والعمال يعملون فيه حتى تأتي الصلاة، فيصلي بهم، ثم ربما نام في المسجد، واشترى من مروان بن الحكم داره وكان بعضها لآل النجار وبعضها دار العباس، لها باب إلى المسجد، وهي اليوم باقية على حالها وفيها تسكن الأمراء.
[ذكر زيادة الوليد بن عبد الملك فيه]
ذكر أهل السير: أن الوليد بن عبد الملك لما استعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة أمره بالزيادة في المسجد، وبنيانه، فاشترى ما حوله من المشرق والمغرب والشام من أبي سبرة الذي كان أبى أن يبيع عليه، ووضع الثمن له، فلما صار إلى القبلة قال له عبد الله بن عبد الله بن عمر: لسنا نبيع هذا، هو من حق حفصة رضي الله عنها، وقد كان رسول