الله صلى الله عليه وسلم يسكنها! فقال له عمر: ما أنا بتارككم، أنا أدخلها المسجد.
فلما كثر الكلام بينهما قال له عمر: أجعل لكم في المسجد باباً تدخلون منه، وأعطيكم دار الرقيق مكان هذا الطريق، ما بقي من الدار فهو لكم، ففعلوا، فأخرج بابهم في المسجد وهي الخوخة التي في المسجد تخرج في دار حفصة، وأعطاهم دار الرقيق، وقدم الجدار في موضعه اليوم، وزاد من الشرق ما بين الأسطوان المربعة إلى جدار المسجد، ومعه عشر أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى الشام.
ومد في المغرب أسطوانتين وأدخل فيه حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخل فيه دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي كان يقل لها: القرائن، اللاتي يقول فيهن أبو قطيفة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط:
ألا ليت شعري هل تغير بعدنا ... بقيع المصلى أم كعمد القرائن
ودار عبد الله بن مسعود.
وأدخل فيه من المغرب دار طلحة بن عبيد الله ودار أبي سبرة بن أبي رهم، ودار عمار بن ياسر، وبعض دار العباس بن عبد المطلب، وأعلى ما أدخل منها، فجعل منابر سواريها التي تلي السقف أعظم من غيرها من سواري المسجد.
قالوا: وبعث الوليد إلى ملك الروم: إنا نريد أن نعمل مسجد نبينا الأعظم صلى الله عليه وسلم، فأعنا فيه بعمال وفسيفساء.
فبعث إليه بأربعين من الروم، وبأربعين من القبط، وبأربعين ألف مثقال عوناً له، وبإجمال من فسيفساء، وبعث هذه السلاسل التي فيها القناديل.
فهدم عمر المسجد وأخمر النورة التي يعمل بها الفسيفساء سنة، وحملوا القصة من النخل منخولة، وعمل الأساس من الحجارة، والجدار بالحجارة المنقوشة المطابقة والقصة، وجعل عمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص، وجعل طوله مائتي ذراع وعرضه في مقدمه مائتي ذراع، وفي مؤخره مائة وثمانين وعمله بالفسيفساء والمرمر، وعمل سقفه بالساج وموهه بالذهب.