بعضهم: لأبولن على قبر نبيهم، فتهيأ لذلك ونهاه أصحابه، فلما هم أن يعمل، اقتلع وألقي على رأسه فانتشر دماغه فأسلم بعض أولئك النصارى، وعمل أحدهم على رأس خمس طاقات من جدار القبلة، وفي صحن المسجد صورة خنزير، فظهر عليه عمر بن عبد العزيز، فأمر به فضربت عنقه.
قالوا: وكان عمل القبط مقدم المسجد، وكانت الروم تعمل ما خرج من السقف من جوانبه ومؤخره.
قال أهل السير: ولما فرغ عمر من بنيان المسجد أراد أن يجعل في أبوابه في كل باب سلسلة تمنع الدواب من الدخول، فعمل واحدة وجعلها في باب مروان، ثم بدا له عن البواقي.
قلت: فهي باقية إلى اليوم، وأقام الحرس فيه يمنعون الناس من الصلاة على الجنائز فيه ومن أن يحترفوا فيه، والسنة في الجنائز باقية إلى يومنا هذا، إلا في حق العلويين ومن أراد من الأمراء وغيرهم من الأعيان، والباقون يصلى عليهم خلف الحائط الشرقي من المسجد، إذا وقف الإمام على الجنازة، كان النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه.
[ذكر زيادة المهدي فيه]
قال أهل السير: لم يزل المسجد على ما زاد فيه الوليد بن عبد الملك حتى ولي أبو جعفر المنصور، فهم بالزيادة وشاور فيها، وكتب إليه الحسن بن زيد يصف له ناحية موضع الجنائز ويقول: إن زيد في المسجد من الناحية الشرقية توسط قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكتب إليه أبو جعفر: إني قد عرفت الذي أردت، فاكفف عن ذكر دار الشيخ عثمان بن عفان رضي الله عنه.
قالوا: وتوفي أبو جعفر ولم يزد فيه شيئاً.
ثم حج المهدي بن أبي جعفر سنة إحدى وستين ومائة، فقدم منصرفه من الحج إلى المدينة، واستعمل عليها جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس سنة إحدى وستين ومائة، وأمره بالزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاه بناءه هو وعبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز بن مروان،