أخبرنا الفقيه الأجل الإمام العالم الشريف العدل؛ تاج الدين علي بن أبي العباس أحمد بن الشيخ الأجل أبي محمد عبد المحسن بقراءتي عليه.
أخبرنا الشيخ الفقيه الأجل أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار بقراءة أبي عليه، وقراءة ابن الوليد عليه وأنا أسمع، قال:
الحمد لله حمداً يقتضي من إحسانه المزيد، ويبلغنا من رضوانه ما نؤمل ونريد، والصلاة والسلام على من هدانا إلى المنهج السديد، محمد الذي هو على أمته شهيد، وعلى آله وأصحابه ذوي المجد المشيد، ما سار راكب في البيد.
وبعد؛ فإني لما دخلت مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وأسعدت بزيارته أقمت بها، واجتمعت بجماعة من أهل الصلاح والعلم والفضل من المجاورين بها، وفقهم الله وإيانا لمرضاته، فسألوني عن ((فضائل المدينة وأخبارها)) فأخبرتهم بما تعلق في خاطري من ذلك، فسألوني إثباته في أوراق، فاعتذرت إليهم بأن الحفظ قد يزيد وينقص، ولو كانت كتبي حاضرة كنت أجمع كتاباً في ذلك شافياً لما في النفس، فألحوا علي في ذلك وقالوا: تحصيل اليسير، خير من فوات الكثير! وهذه البلدة مع شرفها قد خلت ممن يعرف من أخبارها شيئاً، ونحن نحب أن يكون لك بها أثر صالح تذكر به!
فأجبتهم إلى ذلك رجاء بركتهم، واغتناماً لامتثال أمرهم، وقضاء لحق جوارهم وصحبتهم، وطلباً لما عند الله تعالى من الثواب بنشر فضائل دار الهجرة ومنبع الوحي، وذكر أخبارها والترغيب في سكناها، والحث على زيارة المدفون بها، صلوات الله عليه وسلامه، واستخرت الله سبحانه وتعالى، وأثبت في هذا الكتاب ما تيسر من ذلك بعون الله تعالى وحسن توفيقه.