روى البخاري في ((الصحيح)) أن أصحاب الصفة كانوا فقراء.
وروى أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء، قد ربطوه في أعناقهم، فمنها من يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته.
وروى أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: ((والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر فسأله عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: يا أبا هر! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: الحق، ومضى، فاتبعته فدخل فاستأذن، فأذن لي، فدخلت فوجدت لبناً في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: يا أبا هر! قلت: لبيك رسول الله، قال: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي، وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولا يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى به، فإذا جاؤوا أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا، فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت.
قال: يا أبا هر! قلت: لبيك يا رسول الله، قال: خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل، فيشرب حتى يروى، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم، وأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم وقال: يا أبا