قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي فزاره ثم قال: يا خير المرسلين إن الله عز وجل أنزل كتاباً عليك صادقاً قال فيه: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} ، وإني جئتك مستغفراً إلى ربي من ذنوبي مستشفعاً بك، ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
أنت النبي الذي ترجى شفاعته ... عند الصراط إذا ما زلت القدم
ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحق بالرجل فبشره بأن الله عز وجل قد غفر له بشفاعتي.
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف –فيما أذن لي في روايته عنه-، قال: كتب إلي أبو علي الحداد، عن أبي نعيم الأصبهاني قال: أنبأنا جعفر بن محمد بن نصير، أخبرنا أبو يزيد المخزومي، أخبرنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، حدثني غير واحد منهم: عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن عمر بن محمد، أنه لما كان أيام الحرة ترك الأذان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، وخرج الناس إلى الحرة، وجلس سعيد بن المسيب في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاستوحشت، فدنوت من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة، سمعت الأذان في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فصليت ركعتين، ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر، ثم جلست حتى أصلي العصر، فسمعت الأذان في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سمعت الإقامة. ثم لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبره صلى الله عليه وسلم حتى مضت الثلاث، وقفل القوم ودخلوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد المؤذنون فأذنوا، فتسمعت الأذان في قبره صلى الله عليه وسلم، فلم أسمعه، فرجعت إلى مجلسي الذي كنت فيه أكون.