أطماً من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب! هذا جدكم الذي تنتظرونه، فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر رضي الله عنه للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتاً، فطفق من جاء من الأنصار ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر رضي الله عنه حتى أصابت الشمس رسول الله، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك.
ولما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كان مردفاً لأبي بكر رضي الله عنه وأبو بكر شيخٌ يعرف، ونبي الله شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل الذي يهديني السبيل، فيحسب الحاسب أنه يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير.
ولبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه، ثم ركب راحلته فصار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربداً للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته: هذه إن شاء الله المنزل، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلامين، فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً.
فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجداً.
وعن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن الهدم، وصاح كلثوم بغلام له؛ يا نجيح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنجحت يا أبا بكر.