التابعين ومن بعدهم، وكانت فيه القصور المشيدة والآبار العذبة.
ولأهلها أخبار مستحسنة في الكتب، وأشعار رائقة.
ولما بنى عروة بن الزبير رضي الله عنه قصره بالعقيق ونزله قيل له: جفوت عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فقال: إني رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، فكان بعدي مما هنالك عما هم فيه عافية.
قال أهل السير: كانت بنو أمية تجري في الديوان رزقاً على من يقوم على حوض مروان بن الحكم بالعقيق في مصلحته، وفيما يصلح بئر المغيرة من علقها ودلائها.
قالوا: ومر هشام بن عبد الملك وهو يريد المدينة بجرر هشام بن إسماعيل بالرابغ، فقيل له: يا أمير المؤمنين هذه جرر جدك هشام، فأمر بإصلاحها وما يقيمها من بيت المال، فكانت توضع هناك جرار أربع يسقى منهن الناس.
قالوا: وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيق لرجل اسمه هيصم المزني، ولم تزل الولاة على المدينة يولون والياً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان زمان داود ابن عيسى، فتركه في سنة ثمان وتسعين ومائة.
قالوا: ومات سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وهما من العشرة بالعقيق، وحملا إلى المدينة فدفنا بها.
قلت: ووادي العقيق اليوم ليس به ساكن، وفيه بقايا بنيان خراب، وآثار تجد النفس برؤيتها أنساً كما قال أبو تمام:
ما ربع مية معموراً يطيف به ... غيلان أبهى رباً من ربعها الخرب
ولا الخدود وإن أدمين من خجل ... أشهى إلى ناظري من خدها الترب