للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيجيبها ... : "انتهى يا خديجة عهد النوم والراحة، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس، وأن أدعوههم إلى الله وإلى عبادته، فمنذا أدعو؟ ومنذا يستجيب؟ .... (١) ".

وكما حلت الأزمة الأولى عند النبي بصورة غير متوقعة، فإن حل هذه الأزمة يبدو أنه قد فاجأه أكثر من ذي قبل، وبعبارة أخرى أرهقه، وإن مفاجأته في المرة الأولى للوحي، وعناءه وعجزه هذه المرة أمام هذا التكليف غير المتوقع، الذي تلقاه في صورة أمر، ليسجلان في نظرنا حالتين نفسيتين ضروريتين خاصة لدراسة الظاهرة القرآنية بالنسبة للذات المحمدية.

وبوسعنا أن نذكر أن موقف هذه الذات بين الأزمتين وبين حلي المشكلة، لم يكن مطلقاً مطبوعاً بأمل القيام بدعوة، ولكنه كان يبحث فقط عن فضل لمسه من الله منذ الوحي الأول.

ولنا أن نذكر أيضاً أنه فيما يتعلق بفترة الوحي كان جهد محمد اليائس مجرد محاولة لاسترجاع ما فاته من فضل الله.

ونحن نرى أن هذا الجهد يؤكد في الواقع بصورة قاطعة استقلال الظاهرة القرآنية عن ذات موضوعنا (النبي).

وما كان لنا بداهة أن نقرر أن الحل الثاني للأزمة النفسية يمكن أن يتأخر لو كان مصدره هو (اللاشعور)، لدى إنسان لم يسع إلى إخماد الظاهرة وكبتها في نفسه، بل إنه على العكس قد وجه كل إرادته وكل وجوده لتيسير ظهورها.


(١) هذا الخبر غير موجود في كتب الحديث (ف) وفيما لدينا من مراجع السيرة. وإن كان قد ورد في كتاب (حياة محمد) وفي كتاب (أزواج النبي) دون أن ندري لمؤلفيهما مرجعاً. (المترجم)

<<  <   >  >>