عملية تدريب بدني ونفسي في آن واحد، لإعداد الجيش الإسلامي كيما يواجه عما قريب الأسفار والعقبات في جميع أرجاء العالم.
ولقد احتمل بنفسه كل المتاعب التي فرضها على جنده خلال هذه الحقبة المضنية، فهو مسير هائل ورائع سيوحي إلى (دينيه Dinet) بصفحة خالدة، ارتبطت فيها عبقرية مصور الصحراء المبدع بنفس المؤمن المضطرمة.
و (محمد) باعتباره (نبياً) يلتزم دائماً في سلوكه الشخصي الحقيقة المنزلة، فهو يقوم جزءاً كبيراً من الليل متنفلاً، ولكنه لا يلزم أتباعه بذلك.
وهو مع كونه (قائداً)، لا يستأثر بأية ميزة دون صحابته، بل إن سلوكه الشخصي يعرفهم بحدود الجهد الإنساني، فلقد كانوا يؤسسون في المدينة أول مسجد في الإسلام على تقوى من الله ورضوان، ولقد كان النبي كما كان صحابته يحملون الأحجار على أكتافهم، وكل منهم يحمل لبنة، ولكنه يلحظ مؤمناً متواضعاً هو عمار بن ياسر يحمل كل مرة لبنتين، فيخاطبه ليذكي حماسته قائلاً:" للناس أجر ولك أجران (١) ".
وهكذا كانت سائر المناسبات تتيح له أن يشجع صحابته ويعلمهم أيضاً.
وهو لا يريد أن يدع شيئاً يشوب صفاء أصحابه أو يثني جهودهم الخالقة. إنه يقاوم الخطأ، وخاصة عندما يأتي اعتباطاً بما يشبه المعجزة لتأييد دعوته، فكأنه كان يهتم بأن يبعد عقول أصحابه عن (المعجزة الدارجة) التي تخاطب الجوارح.
ففي يوم دفن ولده الوحيد (إبراهيم) الذي رآه يكبر، حدث كسوف كلي، وفسر الناس الظلمات المفاجئة بأنها آية على مشاركة الطبيعة للنبي في حزنه، ولكنه صحح في حزم خطأ صحابته قائلاً: " إن الشمس والقمر آيتان