معارف الهندسة الأرضية عن (دحو القطبين (١) Applatissement aux Pôles) هو الشكل البيضاوي.
هذا التوافق الذي يخص شكل الأرض ودحو قطبيها، تلك الخاصة المساحية التي أثبتها العلم الحديث عموماً، أقول: هذا التوافق قد ازداد وضوحاً حين أيدته الأفكار القرآنية الأخرى التي تتحدث عن كوكبنا، وتتفق مع الحقيقة العلمية، فإذا اقتصر العلم في أوربا حتى عهد (كو برنيك Copernic) و (فابيوناتشي Fabionacci) على الأفكار البطلمية، فها هو ذا القرآن يصف صراحة قبل ذلك بثمانية قرون حركة الأرض فيقول:{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}[النمل ٢٧/ ٨٨]
هذه الفكرة عن حركة الأرض جوهرية في ذاتها، وهي زيادة على ذلك توحي بفكرة ملازمة لها، هي فكرة (محور الحركة)، وبالتالي بفكرة (القطبين) والقطبان قد عينهما لفظ (أطراف)، وأشار إليهما في فكرة (دحو القطبين).
ولكن من أين يأتي هذا الكوكب الذي تحدث القرآن عن شكله ودحوه، وحركته في إشارتين شفافتين؟ .. يبدو لنا أن النظريات قبل (لابلاس Laplace) - بصرف النظر عن الأساطير- لم تواجه هذا السؤال. ولكن منذ (لابلاس) عدت الأرض شرارة مظلمة منفصلة عن الشمس، أما القرآن فمن غير
(١) تخيرنا أن نستعمل عبارة "دحو القطبين" في ترجمة عبارة Applatissement aux Pôles لأن الدحو البسط والترقيق، وهو المعنى الوضعي لكلمة Applatissement، وهو أيضاً تعبير يتصل بشكل الأرض البيضاوي، فقد قال في القاموس عند كلامه على مادة (دحا) والأدحيّة والأدحُوّة مبيض النعام في الرمل" ويطلق على البيضة في بعض البلاد العربية الآن (الدحة) أو (الدحية)، ولعل سر هذا الشكل البيضاوي للأرض يكمن في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}. (المترجم)